الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (18) قوله تعالى : حتى إذا : حتى حرف ابتداء ، والجملة الشرطية بعدها غاية لما قبلها أي : ليست التوبة لقوم يعملون السيئات ، وغاية عملهم إذا حضرهم الموت قالوا : كيت وكيت ، وهذا وجه حسن ، ولا يجوز في "حتى " أن تكون جارة لـ "إذا " أي : يعملون السيئات إلى وقت حضور الموت من حيث إنها شرطية ، والشرط لا يعمل فيه ما قبله ، وإذا جعلنا "حتى " جارة تعلقت بـ "يعملون " ، وأدوات الشرط لا يعمل فيها ما قبلها ، ألا ترى أنه يجوز : "بمن تمرر أمرر " ، ولا يجوز : مررت بمن يقم أكرمه ، لأن له صدر الكلام ، ولأن "إذا " لا تتصرف على المشهور كما تقدم تقريره في أول البقرة واستدل ابن مالك على تصرفها بوجوه ، منها : جرها بـ "حتى " نحو : حتى [ ص: 626 ] إذا جاءوها حتى إذا كنتم ، وفيه من الإشكال ما ذكرته لك ، وقد تقدم تقرير ذلك عند قوله : حتى إذا بلغوا .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : ولا الذين يموتون "الذين " مجرور المحل عطفا على قوله "للذين يعملون " أي ليست التوبة لهؤلاء ولا لهؤلاء ، فسوى بين من مات كافرا وبين من لم يتب إلا عند معاينة الموت في عدم قبول توبته ، والمراد بالعاملين السيئات :المنافقون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاز أبو البقاء في "الذين " أن يكون مرفوع المحل على الابتداء ، وخبره "أولئك " وما بعده ، معتقدا أن اللام لام الابتداء ، وليست بـ "لا " النافية . وهذا الذي قاله من كون اللام لام الابتداء لا يصح إلا أن يكون قد رسمت في المصحف لام داخلة على "الذين " فيصير "وللذين " ، وليس المرسوم كذلك ، إنما هو لام وألف ، وألف لام التعريف الداخلة على الموصول ، وصورته : ولا الذين .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : "أولئك " مبتدأ ، و "أعتدنا " خبره ، و "أولئك " يجوز أن يكون إشارة إلى "الذين يموتون وهم كفار ، لأن اسم الإشارة يجري مجرى الضمير فيعود لأقرب مذكور ، ويجوز أن يشار به إلى الصفتين : الذين يعملون السيئات والذين يموتون وهم كفار . وأعتدنا أي : أحضرنا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية