الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (36) قوله تعالى : وبالوالدين إحسانا : تقدم نظيرتها في البقرة ، إلا أن هنا قال : وبذي القربى بإعادة الباء ، وذلك لأنها في حق هذه الأمة فالاعتناء بها أكثر ، وإعادة الباء يدل على زيادة تأكيد فناسب ذلك هنا بخلاف آية البقرة فإنها في حق بني إسرائيل . وقرأ ابن أبي عبلة "إحسان " بالرفع ، على أنه مبتدأ وخبره الجار قبله ، والمراد بهذه الجملة الأمر بالإحسان وإن كانت خبرية كقوله : فصبر جميل .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 675 ] قوله : والجار ذي القربى الجمهور على خفض "الجار " والمراد به القريب النسب ، وبالجار الجنب البعيد النسب . وعن ميمون بن مهران : "والجار ذي القربى أريد به الجار القريب " قال ابن عطية : "وهذا خطأ لأنه على تأويله جمع بين " أل "والإضافة ، إذ كان وجه الكلام " وجار ذي القربى " . ويمكن تصحيح كلام ابن مهران على أن " ذي القربى "بدل من " الجار "على حذف مضاف أي : والجار جار ذي القربى كقوله :


                                                                                                                                                                                                                                      1579 - نضر الله أعظما دفنوها بسجستان طلحة الطلحات



                                                                                                                                                                                                                                      أي : أعظم طلحة ، ومن كلامهم : " لو يعلمون : العلم الكبيرة سنة "أي : علم الكبيرة سنة ، فحذف البدل لدلالة الكلام عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ بعضهم : " والجار ذا القربى "نصبا . وخرجه الزمخشري على الاختصاص كقوله : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى .

                                                                                                                                                                                                                                      والجنب صفة على فعل نحو : ناقة سرح ، ويستوي فيه المفرد والمثنى والمجموع مذكرا ومؤنثا نحو : رجال جنب ، قال تعالى : وإن كنتم جنبا ، [ ص: 676 ] وبعضهم يثنيه ويجمعه ، ومثله : شلل . وعن عاصم : " والجار الجنب "بفتح الجيم وسكون النون ، وهو وصف أيضا بمعنى المجانب كقولهم : رجل عدل وألف الجار عن واو لقولهم : تجاوروا وجاورته ، ويجمع على جيرة وجيران . والجنابة : البعد . قال :


                                                                                                                                                                                                                                      1580 - فلا تحرمني نائلا عن جنابة     فإني امرؤ وسط القباب غريب



                                                                                                                                                                                                                                      لأن الإنسان يترك جانبا ، ومنه : واجنبني وبني .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : بالجنب يجوز في الباء وجهان : أحدهما : أن تكون بمعنى " في " . والثاني : أن تكون على بابها وهو الأولى ، وعلى كلا التقديرين تتعلق بمحذوف لأنها حال من الصاحب . و وما ملكت يجوز أن يريد غير العبيد والإماء بـ " ما " ، حملا على الأنواع كقوله : ما طاب لكم وأن يكون أريد جميع ما ملكه الإنسان من الحيوانات فاختلط العاقل بغيره فأتى بـ " ما " .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية