الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (7) قوله تعالى : مما ترك الوالدان : هذا الجار في محل رفع لأنه صفة للمرفوع قبله أي : نصيب كائن أو مستقر ، ويجوز أن يكون في محل نصب متعلقا بلفظ "نصيب " لأنه من تمامه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : مما قل في هذا الجار أيضا وجهان أحدهما : أنه بدل من "ما " الأخيرة في "مما ترك " بإعادة حرف الجر في البدل ، والضمير في "منه " عائد على "ما " الأخيرة ، وهذا البدل مراد أيضا في الجملة الأولى حذف للدلالة عليه ، ولأن المقصود به التأكيد لأنه تفصيل للعموم المفهوم من قوله : مما ترك فجاء هذا البدل مفصلا لحالتيه من الكثرة والقلة . والثاني : أنه حال من الضمير المحذوف من "ترك " أي : مما تركه قليلا أو كثيرا أو مستقرا مما قل .

                                                                                                                                                                                                                                      و " نصيبا " فيه أوجه أحدها : أن ينتصب على أنه واقع موقع المصدر ، والعامل فيه معنى ما تقدم ، إذ التقدير : عطاء أو استحقاقا ، وهذا معنى قول من يقول منصوب على المصدر المؤكد . قال الزمخشري : "كقوله : فريضة من الله كأنه قيل : قسمة مفروضة " . وقد سبقه الفراء إلى هذا [ ص: 589 ] قال : "نصب لأنه أخرج مخرج المصدر ، ولذلك وحده كقولك : " له علي كذا حقا لازما "ونحوه : فريضة من الله ولو كان اسما صحيحا لم ينصب ، لا تقول : " لك علي حق درهما " .

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني : أنه منصوب على الحال ، ويحتمل أن يكون صاحب الحال الفاعل في " قل أو كثر " ، ويحتمل أن يكون " نصيب "وإن كان نكرة لتخصصه : إما بالوصف وإما بالعمل ، والعامل في الحال الاستقرار الذي في قوله : " للرجال " . وإلى نصبه حالا ذهب الزجاج ومكي ، قالا : " المعنى لهؤلاء أنصباء على ما ذكرناها في حال الفرض " .

                                                                                                                                                                                                                                      الثالث : أنه منصوب على الاختصاص ، بمعنى : أعني نصيبا ، قاله الزمخشري . قال الشيخ : إن عنى الاختصاص المصطلح عليه فهو مردود بكونه نكرة ، وقد نصوا على اشتراط تعريفه " .

                                                                                                                                                                                                                                      الرابع : النصب بإضمار فعل أي : أوجبت - أو جعلت - لهم نصيبا . الخامس : أنه مصدر صريح أي : نصبته نصيبا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية