الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (33) قوله : بل مكر الليل : يجوز رفعه من ثلاثة أوجه ، أحدها : الفاعلية تقديره : بل صدنا مكركم في هذين الوقتين . الثاني : [ ص: 191 ] أن يكون مبتدأ خبره محذوف ، أي : مكر الليل صدنا . الثالث : العكس أي : سبب كفرنا مكركم . وإضافة المكر إلى الليل والنهار : إما على الإسناد المجازي كقولهم : ليل ماكر ، فيكون مصدرا مضافا لمرفوعه ، وإما على الاتساع في الظرف فجعل كالمفعول به ، فيكون مضافا لمنصوبه . وهذان أحسن من قول من قال : إن الإضافة بمعنى " في " أي : في الليل ; لأن ذلك لم يثبت في غير محل النزاع .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ العامة " مكر " خفيف الراء ساكن الكاف مضافا لما بعده . وابن يعمر وقتادة بتنوين " مكر " وانتصاب الليل والنهار ظرفين . وقرأ أيضا وسعيد بن جبير وأبو رزين بفتح الكاف وتشديد الراء مضافا لما بعده . أي : كرور الليل والنهار واختلافهما ، من كر يكر ، إذا جاء وذهب . وقرأ ابن جبير أيضا وطلحة وراشد القارئ - وهو الذي كان يصحح المصاحف أيام الحجاج بأمره - كذلك إلا أنه بنصب الراء . وفيها أوجه ، أظهرها : ما قاله الزمخشري ، وهو الانتصاب على المصدر قال : " بل تكرون الإغواء مكرا دائما لا تفترون عنه " . الثاني : النصب على الظرف بإضمار فعل أي : بل صددتمونا مكر الليل والنهار أي : دائما . الثالث : أنه منصوب بتأمروننا ، قاله أبو الفضل الرازي ، وهو غلط ; لأن ما بعد المضاف لا يعمل فيما قبله إلا في مسألة واحدة : وهي " غير " إذا كانت بمعنى " لا " كقوله : [ ص: 192 ]

                                                                                                                                                                                                                                      3748 - إن امرأ خصني عمدا مودته على التنائي لعندي غير مكفور



                                                                                                                                                                                                                                      وتقرير هذا تقدم أواخر الفاتحة .

                                                                                                                                                                                                                                      وجاء قوله : قال الذين استكبروا بغير عاطف ; لأنه جواب لقول الضعفة ، فاستؤنف ، بخلاف قوله : وقال الذين استضعفوا فإنه لما لم يكن جوابا عطف . والضمير في " وأسروا الندامة " للجميع : للأتباع والمتبوعين .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية