الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (29) قوله : ظاهرين : حال من الضمير في " لكم " ، والعامل فيها وفي " اليوم " ما تعلق به " لكم " .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " ما أريكم " هي من رؤية الاعتقاد ، فتتعدى لمفعولين ، ثانيهما إلا ما أرى .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " الرشاد " العامة على تخفيف الشين مصدر رشد يرشد . وقرأ معاذ بن جبل بتشديدها ، وخرجها أبو الفتح وغيره على أنه صفة مبالغة نحو : ضرب فهو ضراب ، وقد قال النحاس : " هو لحن ، وتوهمه من الرباعي " يعني أرشد . ورد على النحاس قوله : بأنه يحتمل أن يكون من رشد الثلاثي ، وهو الظاهر . وقد جاء فعال أيضا من أفعل وإن كان لا ينقاس . قالوا : أدرك فهو دراك وأجبر فهو جبار ، وأقصر فهو قصار ، وأسأر فهو سآر ، ويدل على أنه صفة مبالغة أن معاذا كان يفسرها بسبيل الله .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عطية : " ويبعد عندي على معاذ - رضي الله عنه - وهل كان فرعون يدعي إلا الإلهية ؟ ويقلق بناء اللفظ على هذا التركيب " . قلت : يعني [ ص: 476 ] ابن عطية أنه كيف يقول فرعون ذلك ، فيقر بأن ثم من يهدي إلى الرشاد غيره ، مع أنه يدعي أنه إله ؟ وهذا الذي عزاه ابن عطية والزمخشري وابن جبارة صاحب " الكامل " إلى معاذ بن جبل من القراءة المذكورة ليس في " الرشاد " الذي هو في كلام فرعون كما توهموا ، وإنما هو في " الرشاد " الثاني الذي من قول المؤمن بعد ذلك . ويدل على ذلك ما قاله أبو الفضل الرازي في كتابه " اللوامح " : " معاذ بن جبل " سبيل الرشاد " ، الحرف الثاني بالتشديد ، وكذلك الحسن ، وهو سبيل الله تعالى الذي أوضحه لعباده ، كذلك فسره معاذ ، وهو منقول من مرشد كدراك من مدرك وجبار من مجبر ، وقصار من مقصر عن الأمر ، ولها نظائر معدودة . فأما " قصار الثوب " من قصر الثوب قصارة " فعلى هذا يزول إشكال ابن عطية المتقدم ، وتتضح القراءة والتفسير .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو البقاء : " وهو الذي يكثر منه الإرشاد أو الرشد " يعني يحتمل أنه من أرشد الرباعي أو رشد الثلاثي . والأولى أن يكون من الثلاثي لما عرفت أنه ينقاس دون الأول .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية