الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (21) قوله : نبأ الخصم : قد تقدم أن الخصم في الأصل مصدر فلذلك يصلح للمفرد والمذكر وضديهما ، وقد يطابق . ومنه : لا تخف خصمان و هذان خصمان . والمراد بالخصم هنا جمع بدليل قوله : " إذ تسوروا " وقوله : " إذ دخلوا " . قال الزمخشري : " وهو يقع للواحد والجمع كالضيف . قال تعالى : حديث ضيف إبراهيم المكرمين لأنه مصدر في أصله يقال : خصمه يخصمه خصما كما تقول : ضافه ضيفا . فإن قلت : هذا جمع وقوله : " خصمان " تثنية فكيف استقام ذلك ؟ قلت : معنى خصمان : فريقان خصمان ، والدليل عليه قراءة من قرأ " [خصمان ] بغى بعضهم على بعض " ونحوه قوله تعالى : هذان خصمان اختصموا . فإن قلت : فما تصنع بقوله : إن هذا أخي وهو دليل على الاثنين ؟ قلت : هذا قول البعض المراد به : بعضنا على بعض . فإن قلت : فقد جاء في الرواية : أنه [ ص: 367 ] بعث إليه ملكان . قلت : معناه أن التحاكم بين ملكين ، ولا يمنع ذلك أن يصحبهما آخرون . فإن قلت : كيف سماهم جميعا خصما في قوله : " نبأ الخصم " و " خصمان " ؟ قلت : لما كان صحب كل واحد من المتحاكمين في صورة الخصم صحت التسمية به " .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " إذ تسوروا " في العامل في " إذ " أوجه ، أحدها : أنه معمول للنبأ إذا لم يرد به القصة . وإليه ذهب ابن عطية وأبو البقاء ومكي . أي : هل أتاك الخبر الواقع في وقت تسورهم المحراب ؟ وقد رد بعضهم هذا : بأن النبأ الواقع في ذلك الوقت لا يصح إتيانه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن أريد بالنبأ القصة لم يكن ناصبا . قاله الشيخ . الثاني : أن العامل فيه " أتاك " ورد بما رد به الأول . وقد صرح الزمخشري بالرد على هذين الوجهين ، فقال : " فإن قلت بم انتصب " إذ " ؟ قلت : لا يخلو إما أن ينتصب بـ " أتاك " أو بالنبأ أو بمحذوف . فلا يسوغ انتصابه بـ " أتاك " لأن إتيان النبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقع إلا في عهده لا في عهد دواد ، ولا بالنبأ ; لأن النبأ واقع في عهد داود فلا يصح إتيانه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وإن أردت بالنبأ القصة في نفسها لم يكن ناصبا ، فبقي أن يكون منصوبا بمحذوف ، وتقديره : وهل أتاك نبأ تحاكم الخصم إذ ، فاختار أن يكون معمولا لمحذوف . الرابع : أن ينتصب بالخصم لما فيه من معنى الفعل . [ ص: 368 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية