الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (96) قوله : وما تعملون : في " ما " هذه أربعة أوجه ، أجودها : أنها بمعنى الذي أي : وخلق الذي تصنعونه ، فالعمل هنا التصوير والنحت نحو : عمل الصائغ السوار أي : صاغه . ويرجح كونها بمعنى الذي تقدم ما قبلها فإنها بمعنى الذي أي : أتعبدون الذي تنحتون ، والله خلقكم وخلق ذلك الذي تعملونه بالنحت .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : أنها مصدرية أي : خلقكم وأعمالكم . وجعلها الأشعرية دليلا على خلق أفعال العباد لله تعالى ، وهو الحق . إلا أن دليل ذلك من هنا غير قوي لما تقدم من ظهور كونها بمعنى الذي . وقال مكي : " يجب أن تكون " ما " " والفعل مصدرا جيء به ليفيد أن الله خالق الأشياء كلها " . وقال أيضا : " وهذا أليق لقوله تعالى : من شر ما خلق أجمع القراء على الإضافة ، فدل على أنه خالق الشر . وقد فارق عمرو بن عبيد الناس فقرأ " من شر " بالتنوين ليثبت [ ص: 322 ] مع الله تعالى خالقا " . وقد استفرض الزمخشري هذه المقالة هنا بكونها مصدرية ، وشنع على قائلها .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث : أنها استفهامية ، وهو استفهام توبيخ وتحقير لشأنها أي : وأي شيء تعملون ؟ والرابع : أنها نافية أي : إن العمل في الحقيقة ليس لكم فأنتم لا تعملون شيئا . والجملة من قوله : " والله خلقكم " حال ومعناها حينئذ : أتعبدون الأصنام على حالة تنافي ذلك ، وهي أن الله خالقكم وخالقهم جميعا . ويجوز أن تكون مستأنفة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية