الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (67) وقرأ الحسن وأبو حيوة وعيسى "قدروا" بتشديد الدال ، " حق قدره " بفتح الدال . وافقهم الأعمش على فتح الدال من " قدره " .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : والأرض جميعا قبضته مبتدأ وخبر في محل نصب على الحال أي : ما عظموه حق تعظيمه والحال أنه موصوف بهذه القدرة الباهرة ، كقوله : كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا ؟ و " جميعا " حال وهي دالة على أن المراد بالأرض الأرضون ، ولأن الموضع موضع تفخيم ، ولعطف الجمع عليها . والعامل في هذه الحال ما دل عليه قبضته . ولا يجوز أن يعمل فيها " قبضته " سواء جعلته مصدرا - لأن المصدر لا يتقدم عليه معموله - أم مرادا به المقدار .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 443 ] قال الزمخشري : " ومع القصد إلى الجمع - يعني في الأرض - وأنه أريد به الجمع وتأكيده بالجميع أتبع الجمع مؤكده قبل مجيء الخبر ليعلم أول الأمر أن الخبر الذي يرد لا يقع عن أرض واحدة ولكن عن الأراضي كلها " . وقال أبو البقاء : " وجميعا حال من الأرض ، والتقدير : إذا كانت مجتمعة قبضته أي : مقبوضه ، فالعامل في " إذا " المصدر ، لأنه بمعنى المفعول . وقال أبو علي في " الحجة " : التقدير : ذات قبضته . وقد رد عليه : بأن المضاف إليه لا يعمل فيما قبله ، وهذا لا يصح لأنه الآن غير مضاف إليه ، وبعد حذف المضاف لا يبقى حكمه " انتهى . وهو كلام فيه إشكال ; إذ لا حاجة إلى تقدير العامل في " إذا " التي لم يلفظ بها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : " قبضته " إن قدرنا مضافا كما قال الفارسي أي : ذات قبضته لم يكن فيه وقوع المصدر موقع مفعول ، وإن لم يقدر ذلك احتمل أن يكون المصدر واقعا موقعه ، وحينئذ يقال : كيف أنث المصدر الواقع موقع مفعول وهو غير جائز ؟ لا يقال : " حلة نسجة اليمن " بل نسج اليمن أي : منسوجته . والجواب : أن الممتنع دخول التاء الدالة على التحديد ، وهذه لمجرد التأنيث . كذا أجيب ، وليس بذاك ، فإن المعنى على التحديد لأنه أبلغ في القدرة . واحتمل أن يكون أريد بالمصدر مقدار ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      والقبضة بالفتح : المرة ، وبالضم اسم للمقبوض كالغرفة والغرفة . والعامة على رفع " قبضته " ، والحسن بنصبها . وخرجها ابن خالويه وجماعة على النصب على الظرفية ، أي : في قبضته . وقد رد هذا : بأنها ظرف [ ص: 444 ] مختص فلا بد من وجود " في " وهذا هو رأي البصريين . وأما الكوفيون فهو جائز عندهم ; إذ يجيزون : " زيد دارك " بالنصب أي : في دارك . وقال الزمخشري : " جعلها ظرفا تشبيها للمؤقت بالمبهم " فوافق الكوفيين . والعامة على رفع " مطويات " خبرا ، و " بيمينه " فيه أوجه ، أحدها : أنه متعلق بـ " مطويات " .

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني : أنه حال من الضمير في " مطويات " . الثالث : أنه خبر ثان ، وعيسى والجحدري نصباها حالا . واستدل بها الأخفش على جواز تقدم الحال إذا كان العامل فيها حرف جر نحو : " زيد قائما في الدار " . وهذه لا حجة فيها لإمكان تخريجها على وجهين ، أحدهما - وهو الأظهر - أن تكون " السماوات " نسقا على " الأرض " ، ويكون قد أخبر عن الأرضين والسماوات بأن الجميع قبضته ، وتكون " مطويات " حالا من " السماوات " كما كان " جميعا " حالا من " الأرض " ، و " بيمينه " متعلق بمطويات . والثاني : أن يكون " مطويات " منصوبا بفعل مقدر ، و " بيمينه " الخبر ، و " مطويات " وعامله جملة معترضة ، وهو ضعيف .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية