الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أو أخذ دابة بباب مسجد أو سوق ، أو ثوبا بعضه بالطريق ، [ ص: 326 ] أو ثمرا معلقة لا بغلق . فقولان . وإلا بعد حصده ، فثالثها ، إن كدس [ ص: 327 ] ولا إن نقب فقط ، وإن التقيا وسط النقب ; [ ص: 328 ] أو ربطه فجذبه الخارج قطعا

التالي السابق


( أو أخذ دابة ) أوقفها صاحبها ( بباب مسجد ) فلا يقطع أي أو خان أو حمام أو بيت لأنه ليس حرزا لها إذا لم يكن معها حافظ و إلا فيقطع فيها والدابة بباب المسجد أو السوق إن كان معها من يمسكها يقطع و إلا فلا ( أو ) أوقفها في ( سوق ) لغير بيعها بقرينة ما تقدم و ليس معها حافظ فلا يقطع سارقها لذلك ( أو ) أخذ ( ثوبا ) منشورا على حائط دار بعضه داخلها و ( بعضه بالطريق ) فلا يقطع إن جذبها من بعضه الذي بالطريق تغليبا لبعضه الذي بالطريق لدرء الحد بالشبهة ، فإن جذبه من بعضه الذي بداخل الدار فيقطع لانتفاء الشبه حينئذ . ابن عرفة فيها من جبذ ثوبا منشورا على حائط بعضه في [ ص: 326 ] الدار وبعضه خارج عنها إلى الطريق أو سرق متاعا من الضيع فلا يقطع .

( أو ) أخذ ( ثمرا ) بفتح المثلثة والميم ( معلقا ) على شجره خلقة فلا يقطع في كل حال ( لا بغلق ) عليه لحفظه بأن كان في حائط له باب ( ف ) في قطعه كما ألزمه اللخمي لقول ابن المواز لو دخل سارق دارا فسرق من ثمرها المعلق على رءوس النخل الذي بها أو كان مجذوذا فيها لقطعت يده . اللخمي يلزم على هذا أنه إذا كان النخل أو الكرم أو غيره من الثمار عليه غلق احتيط به من السارق أو كان لا غلق عليه وعليه حارس أن يقطع وعدم قطعه وهو لابن الماجشون وابن المواز ( قولان ) البناني فالقطع ليس بمنصوص وإنما هو مخرج ألزمه اللخمي لابن المواز فكان من حق المصنف أن لا يساويه بمقابله ( وإلا ) أن يسرق الزرع ( بعد حصده ) والثمر بعد جذه ( ف ) فيه ثلاثة أقوال و الأول فيه القطع ، والثاني لا قطع فيه

( ثالثها ) أي الأقوال فيه القطع ( وإن كدس ) بضم فكسر مثقلا ، أي ضم بعضه لبعض ما في الجرن ، فإن لم يكدس وبقيت كل ثمرة تحت شجرتها وكل قتة بموضع حصدها فلا قطع فيه لشبهة المعلق عليها ، ومحل الخلاف إذا لم يكن بغلق أو حارس وإلا ففيه القطع اتفاقا . ابن عرفة محمد معنى قوله صلى الله عليه وسلم { لا قطع في ثمر } ولا كثر الحرز لا غير ، فمن سرق من ثمر دار معلق في رءوس النخل قطع . اللخمي فعليه إن كان النخل أو غيره من الثمار عليه غلق ، وعلم أنه من السارق أو لا غلق عليه ، وعليه حارس يقطع سارقه ، قال ولا قطع في الزرع إن كان قائما ، وعلى قول عبد الملك لا قطع فيه وإن كان في جرين أو إغلاق . محمد في زرع حصد وربط قتا وترك في الحائط ليرفع إلى الجرين ، قال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه مرة فيه يقطع سارقه ، وإن لم يكن عليه حريص وقال أيضا في زرع مصر يحصد ويوضع بموضعه أياما لييبس لا قطع فيه . محمد لو حمل وسرق في الطريق قبل بلوغه الجرين قطع سارقه ولا يقطع السارق . [ ص: 327 ] إن نقب ) الحرز ( فقط ) أي ولم يخرج منه شيئا لأنه غايته أنه هتكه وعرض ما فيه للضياع ، وعليه ضمان ما يخرج من النقب ، حيث لم يخرج بحضرة ربه .ابن عرفة ابن الحاجب تابعا لابن شاس لو نقبه وأخرج النصاب غيره ، فإن كانا متفقين قطعا وإلا فلا قطع على واحد منهما .

قلت لم أعرف هذا الفرع لأحد من أهل المذهب ، وإنما ذكره الغزالي في وجيزه على أصلهم أن النقب يبطل حقيقة الحرز ، ومسائل المدونة وغيرها تدل على أن النقب لا يبطل حقيقته . وقوله إن تعاونا قطعا مقتضى المدونة أنه لا يقطع إلا مخرجه لقولها لو قربه أحدهما لباب الحرز أو النقب فتناوله الآخر قطع الخارج وحده ، إذا هو أخرجه ولا يقطع الداخل ، وهذه المسألة رد عليه في زعمه أن النقب يبطل حقيقة الحرز لقولها لباب الحرز أو النقب ، وفي قوله قطعا وقد تقدم لهما نحو هذه من مسائل هذا النوع وهي إضافتهما إلى المذهب مسائل الغزالي مع مخالفتها أصول المذهب ، ولذا كان كثير من محققي شيوخ شيوخنا لا ينظر كتاب ابن الحاجب ويرى قراءة الجلاب دونه . ولما ذكر اللخمي قولها في الذي قربه لباب الحرز أو النقب قال وقال أشهب في الموازية يقطعان ، ثم قال في الفصل بعينه . وقال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه في المختصر إذا قرب الداخل المتاع وأدخل الخارج يده فأخرجه فلا يقطع الخارج ، ورأى أنه لا يقطع حتى يجتمع الدخول وإخراج المتاع كما إذا رمى المتاع وأخذ قبل خروجه . قلت فيتحصل فيها ثلاثة أقوال . ( وإن التقيا ) أي السارقان الداخل في الحرز والخارج عنه المتعاونان على السرقة بمناولة الداخل الخارج بيدها في المناولة ( وسط النقب ) . ابن عرفة فيها إن التقت أيديهما في المناولة في وسط النقب قطعا معا . اللخمي هذا رجع لقول أشهب فيمن قرب المتاع إلى النقب وأخرجه الخارج يقطعان ، وكان الأصل على قول ابن القاسم أن لا يقطع الداخل لأن معونته في الحرز والنقب منه إلا أن تتمادى معونته مع الخارج حتى أخرجاه [ ص: 328 ] من الحرز ونحوه للتونسي ( أو ربطه ) أي الداخل النصاب بحبل أو غيره ( فجذبه الخارج ) وأخرجه من الحرز ( قطعا ) بضم فكسر ، أي الداخل ، والخارج عند ابن القاسم لاشتراكهما في إخراجه . ابن عرفة فيها لو ربطه الداخل بحبل وجره الخارج قطعا . اللخمي اختلف قول الإمام مالك رضي الله عنه إذا ربطه الداخل وجره الخارج إلى الطريق .




الخدمات العلمية