الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 488 ] وإن وطئ شريك فحملت : غرم نصيب الآخر ، فإن أعسر ، خير في اتباعه بالقيمة يوم الوطء ، أو بيعها لذلك ، وتبعه بما بقي ، وبنصف قيمة الولد

[ ص: 488 ]

التالي السابق


[ ص: 488 ] وإن وطئ شريك ) أمة مشتركة ( فحملت ) الأمة من وطئه قومت عليه و ( غرم ) الواطئ ( نصيب ) شريكه ( الآخر ) بفتح الخاء من قيمتها يوم حملها إن كان موسرا لأنه أفاتها عليه ( فإن أعسر ) الواطئ ( خير ) بضم الخاء المعجمة وكسر التحتية مثقلا شريكه ( في ) تقويمها على الواطئ و ( اتباعه ) أي الواطئ ( ب ) نصيبه من ( القيمة ) معتبرة ( يوم الوطء ) هذا مذهب المدونة ( أو بيع ) نصيب غير الواطئ من ( ها ) أي الأمة ( لذلك ) أي نصيب غير الواطئ من قيمتها ، فإن كان ثمنه يزيد على نصيبه من قيمتها فلا يباع منها إلا ما يفي ثمنه بنصيبه من قيمتها ، ويبقى باقيه بحساب أم الولد للواطئ .

( و ) إن لم يف ثمن نصيب غير الواطئ بنصيبه من قيمتها ( اتبعه ) أي غير الواطئ الواطئ ( بما بقي ) له من نصيبه من قيمتها ( وبنصف قيمة الولد ) ولا يباع لأنه حر ، سواء تماسك بنصيبه أو اتبعه بقيمته أو بيع له قاله طفي ، لا حق بالواطئ للشبهة ، هذا هو المشهور ، وإن لم تحمل يخير غير الواطئ بين تقويمها على الواطئ وإبقائها للشركة .

وقيل : يجبران على تقويمها عليه لتتم له الشبهة . ابن شاس إن وطئ أحد الشريكين الأمة فحملت فإن كان موسرا غرم نصف قيمتها يوم الحمل ، وإن كان معسرا قومت عليه واتبع بنصف قيمتها إن شاء شريكه أو بيع ذلك النصف فيما يجب عليه من القيمة ويتبعه بنصف قيمة الولد .

( تنبيهان ) الأول : طفي فإن أعسر خير في اتباعه إلخ نحوه لابن الحاجب ، وفيه نقص ; إذ المنقول المعتمد ، وهو قول الإمام مالك رضي الله تعالى عنه المرجوع إليه في المعسر تخيير شريكه في إبقائها للشركة وتقويمها عليه ، فإن اختار تقويمها خير في اتباع الواطئ بما يجب له من قيمتها ، وفي بيع [ ص: 489 ] حصته فيما له من قيمتها ، فإن نقص اتبع الواطئ بالباقي . ابن عرفة إن كان الواطئ معسرا فقال الإمام مالك " رضي الله عنه " هي أم ولد للواطئ ويتبع بالقيمة دينا ثم رجع إلى تخيير شريكه في تماسكه بنصيبه من الأمة مع اتباعه بنصف قيمة الولد .

وفي تقويم نصفها ونصف قيمة الولد ويباع له نصفها فقط فيما لزمه ، ولذا قال " ح " ترك المصنف التصريح بالتخيير الأول وذكر ما يتفرع على أحد شقيه الذي هو اختيار التقويم ، وأما الشق الآخر الذي هو إبقاؤها للشركة فلم يتعرض له المصنف ولا لما يتفرع عليه ، ولعل المصنف كابن الحاجب اغتنيا عن التماسك لفهمه من بيع نصفها ; إذ البيع مفرع على أنه ملك فله التماسك به لا أنه بحكم أم الولد كما في اليسار ، ويباع نصفها في نصف قيمتها فقط لا في نصف قيمة الولد ، ولا تباع إلا بعد الوضع . وإذا تماسك بالنصف أو بيع له فقال ابن القاسم في المدونة : يعتق على الواطئ النصف الذي بقي له ; لأنه لا متعة له فيه ، وروى أصبغ عن ابن القاسم أيضا أن نصيب الواطئ لا يعتق عليه ، ويوقف لعله يملك باقيها فيحل له وطؤها . ابن المواز وهذا أصوب .

الثاني عبارة المصنف كعبارة ابن الحاجب تقتضي أن للشريك إبقاءها للشركة . وقال في التوضيح بعد تقريره عبارة ابن الحاجب وهذا هو المشهور .

وقال الإمام مالك " رضي الله عنه " أولا : هي أم ولد للواطئ ، ويتبع بالقيمة دينا كالموسر . وقيل : الشريك مخير بين أن يتماسك بنصفه مقابلا للمشهور مع أنه هو قول الإمام مالك " رضي الله عنه " المرجوع إليه كما في ابن عرفة ، وقد تقدم نصه ، وقد اعتمد ابن مرزوق هذا القول وتبعه عج وقرر به " ز " واعتمده طفي ، وكأنه لم يقف على ما في ضيح ، والله أعلم .




الخدمات العلمية