الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 539 ] ولزم إجازة الوارث بمرض لم يصح بعده ، إلا لتبين عذر [ ص: 540 ] بكونه في نفقته ، أو دينه أو سلطانه ، إلا أن يحلف من يجهل مثله أنه جهل أن له الرد ، لا بصحة ولو بكسفر ، [ ص: 541 ] والوارث يصير غير وارث ، وعكسه المعتبر مآله ، ولو لم يعلم

التالي السابق


( و ) إن أوصى لوارثه أو لغيره بما زاد على ثلثه فأجازه وارثه وهو مريض ( لزم إجازة الوارث ) من إضافة المصدر لفاعله ، ومفعوله محذوف ، أي الوصية لوارث آخر ، أو الزائدة على الثلث إن كانت الإجازة ( بمرض ) للموصي مخوف ( لم يصح ) الموصى ( بعده ) أي المرض صحة بينة ومات منه في كل حال ( إلا لتبين عذر ) للمجيز في إجازته [ ص: 540 ] مصور ( بكونه ) أي المجيز ( في نفقته ) أي الموصي وخاف الوارث إن لم يجز وصيته المذكورة بقطع نفقته عنه ، وهو محتاج لها ( أو ) في ( دينه ) بفتح الدال أي الموصى ، أي كون الوارث مدينا للموصي بدين عاجز عن وفائه وخاف إن لم يجزها يحبسه في دينه مثلا ( أو ) خوف الوارث من الموصي ل ( سلطانه ) أي جاه الموصي وقوته و ( إلا أن ) يدعي الوارث أنه جهل له أن له رد الوصية المذكورة ، و ( يحلف من يجهل مثله ) أي المجيز لبعده عن العلماء ( أنه ) أي المجيز ( جهل أن له ) أي المجيز ( الرد ) للوصية المذكورة فلا تلزمه الإجازة في كل صورة من هذه الصور الأربع كما لا تلزمه إجازته في صحة الموصى ، ولا إجازته في مرضه الذي صح منه صحة بينة ( لا ) تلزم الوارث إجازته الوصية لوارث أو لغيره بزائد الثلث ( بصحة ) للموصى أو بمرضه الذي صح بعده صحة بينة إن كانت بحضر .

بل ( وإن ) كانت ( بسفر ) من الموصى فلا تلزم الوارث انظر الصحة الموصى قاله محمد أصبغ وهو الصواب ، وروى ابن القاسم عن الإمام مالك رضي الله تعالى عنهما لزومها بسفر ، وقاله ابن القاسم تنزيلا للسفر منزلة المرض . ابن عرفة فيها قلت من أوصى في مرضه بأكثر من ثلثه فأجاز ورثته ذلك قبل موته قبل أن يطلب الموصي إجازته ، أو بعد طلبها ، ثم رجعوا عنها بعد موته .

قال الإمام مالك " رضي الله عنه " إن استأذنهم في ذلك في مرضه فأذنوا له ثم رجعوا بعد موته ، فمن كان منهم بائنا عنه من ولد أخ أو ابن عم فليس له ذلك ، ومن كان في عياله من ولد قد احتلم وبناته وزوجاته فذلك لهم ، وكذا ابن العم الوارث إذا كان محتاجا إليه ، ويخاف إن منعه وصح أن يضربه في منع رفده فلهؤلاء أن يرجعوا إذا رأى أن إجازتهم خوفا مما ذكرنا إلا أن يجيزوا بعد موته فلا رجوع لهم بعد ذلك .

ويجوز عليهم إذا كانت حالتهم مرضية ، ولا يجوز إذن البكر ولا الابن السفيه وإن لم [ ص: 541 ] يرجعا . ابن الحاجب إن كانت في المرض ولم تتخلله صحة فكالموت على الأشهر إلا أن يتبين عذر من كونه عليه نفقته أو دينه أو سلطانه ، فإن قال ما علمت أن لي ردها ، ومثله يجهل حلف . ابن عرفة الباجي : من أوصى ما لوارثه فأنفذ ذلك ثم قال بعض الورثة : لم أعلم أن الوصية لا تجوز له ، فروى محمد يحلف ما علم ، وله نصيبه منه قلت : مثله في سماع عيسى ابن القاسم في كتاب الهبات ، وفي الشفعة منها من عوض من صدقته ، وقال : ظننت أنه يلزمني فليرجع في عوضه إن كان قائما ، فإن فات فلا شيء له . ابن رشد : اختلف في هذا الأصل ، وهو من دفع ما لا يجب عليه جاهلا ، ثم أراد الرجوع فيه منه مسألة كتاب الشفعة ولها نظائر كثيرة في المدونة والعتبية ، ويتحصل فيها ثلاثة أقوال أحدها لا رجوع له فيما أنفذ بحال وإن علم أنه جهل ، إذ لا عذر له في جهله ، والثاني له الرجوع إن ادعى الجهل ، وأشبه بيمينه وقيل بغير يمين والثالث : ليس له أن يرجع إلا أن يعلم أنه جهل بدليل يقيمه على ذلك .

( والوارث ) للموصي الذي أوصى له ( يصير غير وارث ) له بولادة من حجبه بعد إيصائه له كإيصائه لأخيه ثم ولد له ابن اعتبر مآله فتنفذ الوصية له ( وعكسه ) أي الموصى له غير الوارث للموصي يصير وارثه بموت من يحجبه كإيصائه لأخيه ، وله ابن فمات الابن قبل الموصي ( المعتبر ) بفتح الموحدة في تنفيذ الوصية وعدمه ( مآله ) بمد الهمز ، أي ما آل أمر الموصى له إليه فتنفذ في الأصل ، ولا تنفذ في عكسه إلا أن يجيزها غيره من الورثة ، وهو رشيد إن علم الموصي بما آل إليه أمر الموصى له ، بل ( ولو لم يعلم ) الموصي بصيرورة وارثه الموصى له غير وارث .

فيها للإمام مالك " رضي الله عنه " من أوصى لأخيه بوصية في مرض أو صحة ، وهو وارثه فلا يجوز ، فإن ولد له ابن يحجبه فيجوز إن علم بالولد لأنه قد أقرها بعد علمه به فصار مجيزا لها ، وقال أشهب : الوصية للأخ جائزة علم الموصي بولده أو لم يعلم . ابن القاسم : فإن مات الابن قبل موت الموصي بطلت الوصية للأخ ; لأنه صار وارثا ، ومن أوصى في صحته لامرأة [ ص: 542 ] ثم تزوجها ثم مات بطلت الوصية ، ومن المجموعة وكتاب محمد من أوصى لابنه ، وهو عبد أو نصراني فلم يمت حتى عتق العبد ، وأسلم النصراني بطلت الوصية ، وكذلك لو أوصى لامرأة ثم تزوجها في صحته ثم مات فمشى المصنف على قول أشهب لتصويبه اللخمي ، وأشار بولو إلى قول الإمام .




الخدمات العلمية