الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 363 ] وكسقوط جدار مال ، وأنذر صاحبه ، [ ص: 364 ] وأمكن تداركه

التالي السابق


وعطف على المشبه في الضمان مشبها آخر فيه أيضا فقال ( وكسقوط جدار ) أي حائط على نفس أو مال فأتلفه ( مال ) أي حدث ميلانه ميلانا غير ظاهر بعد بنائه مستقيما فإن كان بناه مائلا فسقط على شيء فأتلفه فإنه يضمنه مطلقا ( وأنذر ) بضم الهمز وكسر الذال المعجمة أي أعلم بميلانه وطلب بإصلاحه ( صاحبه ) وأشهد عليه عند [ ص: 364 ] قاض أو نحوه ممن له النظر في ذلك أنه إن لم يتداركه وسقط على شيء فإنه يضمنه ، فإن ظهر ميلانه وتراخى في إصلاحه حتى سقط فإنه يضمن ولو لم ينذر ( وأمكن تداركه ) بمضي زمن يمكن ترميمه أو هدمه أو إسناده فيه ولم يفعل حتى سقط ، فإن لم يمل أو لم ينذر أو لم يمكن تداركه بعد الإنذار بأن سقط عقبه بلا تأخر يمكن فيه تداركه فلا يضمن . ابن عبد السلام والمعتبر الإشهاد عند القاضي أو من له النظر . وفهم من قوله صاحبه أن الإشهاد على المستأجر والمرتهن مثلا لا يوجب عليه ضمانه إذ ليس له هدمه بدون إذن صاحبه والضمان في مال صاحبه . وقيل على عاقلته ما بلغ الثلث هذا مذهب المدونة ، قال ابن وهب وعبد الملك لا يضمن حتى يقضي الحاكم عليه بهدمه ولا يفعله ، وقال أشهب وسحنون حتى يبلغ حدا يجب عليه هدمه فيه لشدة ميلانه ويتركه فيضمنه وإن لم يكن إشهاد وحكم . ابن عرفة ابن شاس من سقط ميزابه على رأس إنسان فلا يضمنه ، وكذا الظلة والعسكر . قلت هو قولها مع غيرها وما شرع الرجل في طريق المسلمين من ميزاب أو ظلة أو حفر بئر أو سرب للماء أو للريح في داره أو أرضه ، أو حفر شيئا يجوز له في داره أو في طريق المسلمين بئرا لمطر أو مرحاض إلى جانب حائطه فلا غرم عليه لما عطب في ذلك كله . وفيها والحائط المخوف إذا أشهد على ربه به ثم عطب به أحد فربه ضامن وإن لم يشهدوا عليه فلا يضمن .

قلت فإذا لم يضمن في المائل لعدم الإشهاد فأحرى في غير المائل . الصقلي لمحمد عن أشهب إن بلغ ما لا يجوز لربه تركه لشدة ميله والتغرير فيه فهو متعد ضامن لما أصيب به وإن لم يشهد عليه ، وكذا لو تقدم إليه السلطان في هدم حائط على حسن نظر للرعية فهو ضامن ، وأما نهي الناس وإشهادهم فليس بلازم له . وحكي عن فقهائنا القرويين أن رب الحائط إن أنكر ما قيل من غر الحائط احتيج إلى التقدم إليه وإن أقر بأن حائطه مخيف نفعت الشهادة عليه دون حكم . ابن شاس إن مال ولم يتدارك مع الإمكان والإنذار [ ص: 365 ] والإشهاد وجب الضمان فجعل الإمكان شرطا وهو صواب جار على القواعد ، وقوله وإن بناه مائلا ضمن مطلقا واضح ، وما صنعه في طريق المسلمين مما لا يجوز له من حفر بئر أو ربط دابة ونحوه ضمن ما أصيب بذلك .




الخدمات العلمية