الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 83 ] وتدخل الوصايا فيه ، وإن بعد سببها ، [ ص: 84 ] أو بثلثه ، أو بشيء : إذا عاش بعدها ما يمكنه التغيير فلم يغير : بخلاف العمد : إلا أن ينفذ مقتله ، ويقبل وارثه الدية وعلم

التالي السابق


( و ) إن أوصى شخص بوصايا وقتل خطأ ولزمت ديته عاقلة قاتله ف ( تدخل الوصايا فيه ) أي ثلث الدية إن كان أوصى بها قبل سبب الدية ، بل ( وإن ) أوصى بها ( بعد سببها ) أي الدية وهو الجرح أو إنفاذ المقتل ، واختلف الشارحان في المبالغة فقال الشارح تدخل الوصايا بعد سبب الدية وهو الجرح أو إنفاذ المقتل ، وأحرى إن كانت قبله ، فالمبالغة حسنة . وقال البساطي إن أوصى بعد سببها فدخولها فيها ظاهر ، وليس كذلك ما أوصى به قبل سببها فقوله ، وإن بعد سببها ليس بظاهر ، ولا قول الشارح ، وأحرى ما قبل سببها إلا أن يريد أوصى لأحد من أهل الجاني على بحث فيه ا هـ . ومثله لغ قال كذا في بعض النسخ على المبالغة المعكوسة ، وصوابه وإن قبل سببها لتقسيم المبالغة ، ويكون المجروران معطوفين على الظرف ، فالكل في حيز المبالغة ، وفي بعض النسخ وتدخل الوصايا فيه بعد سببها أو بثلثه أو بشيء قبلها إذا عاش بعدها إلخ كلفظ ابن الحاجب ، وأصلها في كتاب الديات من المدونة قال فيه وإذا عفا المقتول خطأ عن ديته جاز ذلك في ثلثه ، فإن لم يكن له وأوصى مع ذلك بوصايا فلتحاصص العاقلة وأهل الوصايا في ثلث ديته ، ولو أوصى بثلث لرجل بعد الضرب دخلت الوصية في ديته لأنه قد علم أن قتل الخطأ مال ، وكذلك لو أوصى بثلثه قبل أن يضرب وعاش بعد الضرب ومعه من عقله ما يعرف فيه ما هو فيه فلم يغير الوصية ا هـ .

البناني الصواب لو قال وإن قبل سببها كما قال " غ " العدوي لأن الوصية قبل سبب الدية يتوهم عدم دخولها في الدية ، لأنها لم تكن حين الإيصاء ، ومن المعلوم أن الوصية إنما تكون فيما علمه حين إيصائه ومعلوم أن المبالغ عليه هو المتوهم ، فإن قيل كيف يدخل ما أوصى به قبل السبب مع أن الوصية إنما تدخل فيما علمه حين إيصائه . فجوابه أن [ ص: 84 ] الموصي لما عاش بعد السبب وأمكنه التغيير ولم يغير نزل ذلك منزلة الإيصاء بعد السبب . والحاصل أن العبرة بالعلم حين الموت ولو بعد الإيصاء والله أعلم .

( أو ) أوصى لشخص ( بثلثه ) أي الموصي قبل السبب فتدخل الوصية في ثلث ديته لأن المعتبر علمه بماله حين موته وهو عنده عالم بالدية ( أو ) أوصى ( بشيء ) أي معين كدابة أو دار معينة قبل السبب فتدخل الوصية في ثلث الدية ( إذا عاش ) الموصي بالكسر ( بعدها ) أي الجناية خطأ ( ما ) أي زمنا ( يمكنه ) أي الموصي بالكسر فيه ( التغيير ) لوصيته وهو ثابت الذهن سالم العقل ( فلم يغير ) ها تنزيلا لذلك منزلة إيصائه بعد علمه بالدية . العدوي أو بثلثه معطوف على مقدر ، أي تدخل الوصايا فيه بغير ثلثه وبغير شيء معين أو بثلثه إلخ . البناني لو حذف هذين المعطوفين لكان أحسن . وقال ابن عاشر في قوله أو بثلثه لا معنى لهذا العطف والصواب إسقاطه ليكون قوله بثلثه أو بشيء متعلقا بلفظ الوصايا ، ويستغنى حينئذ عما في بعض النسخ من قوله قبله لدخوله في المبالغة ، والتقدير وتدخل الوصايا بثلثه أو بشيء فيه ، أي ثلث الدية التي وجبت له وإن قبل سببها .

( بخلاف ) دية ( العمد ) فلا تدخل فيها الوصايا وإن عاش بعد ضربه لعدم علم الميت بها قبل موته لتعين القود في العمد في كل حال ( إلا أن ينفذ مقتله ) أي المجني عليه بالجناية يفري ودجه مثلا ( ويقبل وارثه الدية ) من الجاني على وجه الصلح ( وعلم ) المجني عليه قبوله الدية فتدخل وصاياه فيها لعلمه بها قبل موته ، سواء كان الإيصاء بعد ذلك أو قبله وعاش بعده وأمكنه التغيير ولم يغير في الشامل ولا مدخل لوصية في دية عمد وإن ورثت كماله وغرم الدين منها . ولو قال إن قبل أولادي الدية فوصيتي فيها أو أوصيت بثلثها ولا يدخل منها شيء في ثلثه لا إذا أنفذ مقتله وقبل أولاده الدية وعلم بها




الخدمات العلمية