الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5701 76 - حدثنا عمر بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، قال: حدثني عدي بن ثابت، قال سمعت سليمان بن صرد - رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - قال: استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فغضب أحدهما فاشتد غضبه حتى انتفخ وجهه وتغير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد، فانطلق إليه الرجل فأخبره بقول النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: تعوذ بالله من الشيطان، فقال: أترى بي بأس؟ أمجنون أنا؟! اذهب.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: " استب رجلان" وعمر بن حفص يروي عن أبيه حفص بن غياث الكوفي، قاضيها. والأعمش سليمان. وعدي بن ثابت، بالثاء المثلثة. وسليمان بن صرد، بضم الصاد المهملة وفتح الراء وبالدال المهملة، الخزاعي الكوفي الصحابي، وكان اسمه يسار، ضد اليمين، في الجاهلية، فسماه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سليمان، سكن الكوفة وقتل بموضع يقال له: عين الوردة، وقيل: في الحرب مع مقدمة عبيد الله بن زياد، وحمل رأسه إلى مروان بن الحكم، وكان عمره ثلاثا وسبعين سنة.

                                                                                                                                                                                  ومضى الحديث في باب صفة إبليس وجنوده، فإنه أخرجه هناك عن عبدان، عن أبي حمزة، عن الأعمش، عن عدي بن ثابت.. إلى آخره. ومضى الكلام فيه هناك.

                                                                                                                                                                                  قوله: " رجلا" منصوب على أنه بدل من سليمان. قوله: " حتى انتفخ وجهه"، وفي الرواية المتقدمة: "فاحمر وجهه وانتفخت أوداجه"، وفي رواية مسلم: "تحمر عيناه وتنفخ أوداجه". قوله: " الذي يجد" أي: الذي يجده من الغضب. قوله: " أترى" بهمزة الاستفهام على سبيل الإنكار، وضم التاء؛ أي: أتظن. قوله: " بي بأس"؛ أي: مرض شديد، و"بأس" مبتدأ وخبره قوله: "بي". قوله: " أمجنون أنا"؛ فقوله: "أنا" مبتدأ، و"مجنون" خبره مقدما، والهمزة فيه للاستفهام الإنكاري. قوله: " اذهب" أمر من الرجل للرجل الذي أمره بالتعوذ؛ يعني انطلق في شغلك. وقال النووي: هذا كلام من لم يفقه في دين الله، ولم يعرف أن الغضب نزغ من نزغات الشيطان، وتوهم أن الاستعاذة مختصة بالمجانين، ولعله كان من جفاة العرب، أو يقال: لعله كان كافرا، أو منافقا، أو شدة الغضب أخرجته عن حيز الاعتدال بحيث زجر الناصح له. وقد أخرج أبو داود مرفوعا من حديث عطية السعدي أن الغضب من الشيطان.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية