الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5621 [ ص: 78 ] 176 - حدثني محمد بن بشار، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا أيوب قال: ذكر الأشر الثلاثة عند عكرمة فقال: قال ابن عباس: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حمل قثم بين يديه والفضل خلفه، أو قثم خلفه والفضل بين يديه، فأيهم شر أو أيهم خير؟!

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: " وقد حمل قثم بين يديه". وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وأيوب هو السختياني، والحديث من أفراده.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ذكر" على صيغة المجهول. قوله: " الأشر الثلاثة"؛ أي: على الدابة، هكذا بالألف واللام في "الأشر"، رواية الحموي، وفي رواية المستملي: "شر الثلاثة" بدون الألف واللام، وفي رواية الكشميهني: "أشر" بزيادة ألف في أوله، وقال الكرماني ما ملخصه: إن فيه ثلاثة أشياء غريبة: الأول: أن المشهور من استعمال هذه الكلمة أن يقال: شر وخير، ولا يقال: أشر وأخير، الثاني: فيه الإضافة مع لام التعريف على خلاف الأصل، والثالث: أن أفعل التفضيل لا يستعمل إلا بأحد الوجوه الثلاثة، ولا يجوز جمع اثنين منها، وقد جمع هاهنا بينهما. الجواب عن الأول: أن الأشر والأخير أيضا لغة فصيحة، كما جاء في حديث عبد الله بن سلام: "أخيرنا وابن أخيرنا"، وعن الثاني: أن التعريف فيه كالتعريف في "الحسن الوجه" و"الضارب الرجل" و"الواهب المائة"، وعن الثالث: أن الأشر في حكم الشر، وروي: "الأشر الثلاثة" برفعهما على الابتداء والخبر؛ أي: أشر الركبان هؤلاء الثلاثة، وحينئذ فمعنى "أيهم": أي الركبان أشر أو أيهم أخير؟ قوله: " قثم" بضم القاف وفتح الثاء المثلثة المخففة، ابن العباس الهاشمي، كان آخر الناس عهدا برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، ولي مكة من قبل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ثم سار أيام معاوية إلى سمرقند واستشهد بها وقبره بها، وقيل: بمرو، والأول أصح، ووقع في الكمال للمقدسي ذكره له في غير الصحابة، وأن البخاري روى له وليس كما ذكره، وإنما وقع ذكره فيه، وقثم على وزن عمر، معدول عن قاثم وهو المعطي، غير منصرف؛ للعدل والعلمية. قوله: " والفضل" هو ابن العباس، ثبت مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوم حنين حين انهزم الناس، مات بالشام سنة ثمان عشرة على الصحيح. قوله: " أو قثم خلفه" شك من الراوي. قوله: " فأيهم شر أو أيهم خير" هذا كلام عكرمة يرد به على من ذكر له شر الثلاثة، وحاصل هذه المذاكرة أنهم ذكروا عند عكرمة أن ركوب الثلاثة على دابة شر وظلم، وأن المقدم أشر أو المؤخر، فأنكر عكرمة ذلك واستدل بفعل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم؛ إذ لا يجوز نسبة الظلم إلى أحد منهم لأنهما ركبا بحمله صلى الله عليه وسلم إياهما.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية