الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5981 35 - حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن أبي عبيد مولى ابن أزهر، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول: دعوت فلم يستجب لي.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، وأبو عبيد اسمه سعد بن عبيد، ومولى ابن أزهر اسمه عبد الرحمن.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم أيضا في الدعوات عن يحيى بن يحيى وغيره، وأخرجه أبو داود في الصلاة عن القعنبي، وأخرجه الترمذي في الدعوات عن إسحاق بن موسى الأنصاري، وأخرجه ابن ماجه فيه عن علي بن محمد.

                                                                                                                                                                                  قوله: "يستجاب"؛ أي: يجاب لأحدكم دعاؤه، وقال الكرماني: [ ص: 300 ] يستجاب من الاستجابة بمعنى الإجابة. قوله: "لأحدكم"؛ أي: كل واحد منكم؛ إذ اسم الجنس المضاف يفيد العموم على الأصح. قوله: "فيقول" بالنصب لا غير، وفي رواية غير أبي ذر يقول بدون الفاء. وقال ابن بطال: المعنى أنه يسأم ويترك الدعاء فيكون كالملون بدعائه، أو أنه يأتي من الدعاء بما يستحق به الإجابة، فيصير كالمبخل للرب الكريم الذي لا تعجزه الإجابة ولا ينقصه العطاء. وقال الكرماني: هنا شرط الاستجابة عدم العجلة وعدم القول؛ أي قوله: "دعوت فلم يستجب لي" فما حكمه في الصور الثلاث الباقية، يعني: وجودها ووجود المعجلة دون القول والعكس؟ وأجاب بأن مقتضى الشرطية عدم الاستجابة في الأوليين، وأما الثالثة؛ فهي غير متصورة، ثم قال: قوله عز وجل: أجيب دعوة الداع إذا دعان مطلق لا تقييد فيه، وأجاب بأنه يحمل المطلق على المقيد، كما هو مقرر في الأصول. قلت: وفيه نظر لا يخفى، ثم قال: هذه الأخبار تقتضي إجابة كل الدعوات التي انتفى فيها العدمان، لكن ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: سألت الله ثلاثا، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، وهي: لا يذيق بعض أمته بأس بعض، وكذا مفهوم كل دعوة مستجابة أن له دعوات غير مستجابة، وأجاب بأن التعجيل من جبلة الإنسان. قال الله تعالى: خلق الإنسان من عجل فوجود الشرط متعذر أو متعسر في أكثر الأحوال.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية