الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5865 241 - حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري ( ح) وحدثنا إسماعيل، قال: حدثني أخي، عن سليمان، عن محمد بن أبي عتيق، عن ابن شهاب، عن علي بن الحسين، أن صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره وهو معتكف في المسجد، في العشر الغوابر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة من العشاء، ثم قامت تنقلب فقام معها النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 224 ] يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد الذي عند مسكن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، مر بهما رجلان من الأنصار، فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نفذا، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي، قالا: سبحان الله يا رسول الله! وكبر عليهما ما قال، قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قولهما: سبحان الله. وأخرجه من طريقين؛ أحدهما: عن أبي اليمان الحكم بن نافع، عن شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن مسلم الزهري. والآخر: عن إسماعيل بن أبي أويس، عن أخيه عبد الحميد، عن سليمان بن بلال، عن محمد بن أبي عتيق، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن علي بن الحسين زين العابدين، عن صفية بنت حيي أم المؤمنين.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في الاعتكاف في باب: هل يخرج المعتكف لحوائجه؟ ومضى في صفة إبليس أيضا، وفي الخمس أيضا، ومضى الكلام فيه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " تزوره " جملة حالية، والواو في "وهو معتكف" للحال. قوله: " الغوابر"؛ أي: الباقيات، والغابر لفظ مشترك بين الضدين، يعني: الباقي والماضي. قوله: " تنقلب" حال؛ أي: تنصرف إلى بيتها. قوله: " يقلبها " حال أيضا؛ أي: يصرفها إلى بيتها. قوله: " حتى إذا بلغت"؛ أي: إلى أن بلغت صفية. قوله: " ثم نفذا" بالذال المعجمة، يقال: رجل نافذ في أمره؛ أي: ماض، والمعنى نفذا مسرعين، من قولهم: نفذ السهم من الرمية. قوله: " على رسلكما " بكسر الراء؛ أي: على هينتكما، ويقال: افعل كذا على رسلك؛ أي: اتئد فيه، ولا تستعجل. قوله: " فقالا: سبحان الله"؛ أي: الرجلان المذكوران، وقولهما: "سبحان الله" إما حقيقة، بمعنى: ننزه الله تعالى أن يكون رسوله متهما بما لا ينبغي، وإما كناية عن التعجب من هذا القول. قوله: " وكبر" بضم الباء الموحدة؛ أي: عظم وشق عليهما هذا القول. قوله: " قال"؛ أي: النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: "إن الشيطان يجري.." إلى آخره. قوله: " مبلغ الدم"؛ أي: في موضع مبلغ الدم، وهو في نفس الأمر تشبيه، ووجه الشبه عدم المفارقة، وكمال الاتصال. قوله: " ويقذف"؛ أي: يقذف الشيطان شيئا في قلوبكما تهلكان بسببه; لأن مثل هذه التهمة في حقه صلى الله عليه وسلم تكاد تكون كفرا، نعوذ بالله.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية