الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  قال أبو عبد الله: وقال الأويسي: حدثني محمد بن جعفر عن يحيى بن سعيد وشريك، سمعا أنسا عن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أبو عبد الله هو البخاري نفسه، والأويسي نسبة إلى أويس، مصغر أوس في الأصل ولكن النسبة إلى أوس، هو ابن حارثة، قبيلة في الأنصار، وفي تغلب، وفي الأزد، وفي خثعم، والأويسي هذا نسبة إلى أويس بن سعد بن أبي سرح إلى أن ينتهي إلى غالب بن فهر، واسمه عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى بن عمر بن أويس القرشي العامري الأويسي المدني شيخ البخاري، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري، ويحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وشريك بن عبد الله بن أبي نمير القرشي المديني.

                                                                                                                                                                                  وهذا الحديث مختصر من حديث الاستسقاء، وهذه التعاليق الثلاثة تدل على رفع اليدين في الدعاء، ولكن لا تدل على أنه صلى الله تعالى عليه وسلم هل كان يجعل كفيه نحو السماء أو نحو الأرض؟ وفي هذا الباب خلاف كثير؛ فمنهم من كره رفع اليدين، فإذا دعا الله في حاجته يشير بإصبعه السبابة، وروى شعبة عن قتادة قال: رأى ابن عمر قوما رفعوا أيديهم، فقال: من يتناول هؤلاء؟ فوالله لو كانوا على رأس أطول جبل ما ازدادوا من الله قربا، وكرهه جبير بن مطعم، ورأى شريح رجلا رافعا يديه يدعو، فقال: من يتناول بها لا أم لك؟! وقال مسروق لقوم رفعوا أيديهم: قطعها الله! وكان قتادة يشير بإصبعه ولا يرفع يديه، ومنهم من اختار بسط كفيه رافعهما، ثم اختلفوا في صفته؛ فمنهم من قال: يرفعهما حذو صدره بطونهما إلى وجهه، روي ذلك عن ابن عمر رضي [ ص: 301 ] الله تعالى عنهما، وقال ابن عباس: إذا رفع يديه حذو صدره فهو الدعاء، وكان علي رضي الله تعالى عنه يدعو بباطن كفيه، وعن أنس مثله، واحتجوا بما رواه صالح بن كيسان عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إذا سألتم الله عز وجل فاسألوه ببطون كفكم، ولا تسألوه بظهورها، وامسحوا بها وجوهكم.

                                                                                                                                                                                  ومنهم من اختار رفع أيديهم إلى وجوههم، روي ذلك عن ابن عمر وابن الزبير رضي الله عنهم، ومنهم من اختار رفع أيديهم حتى يحاذوا بها وجوههم، وظهورهما مما تلي وجوههم، ومنهم من يجعل بطونهما إلى السماء في الرغبة وإلى الأرض في الرهبة، وقيل: يجعل بطونهما إلى السماء مطلقا في كل حال، وقال الداودي : روي حديث في إسناده نظر أن الداعي يمسح وجهه بيديه عند آخر دعائه . قلت: كأنه أراد به الحديث الذي رواه محمد بن كعب عن ابن عباس هذا، رواه أبو داود بطرق، قال الحافظ المزي : كلها ضعيفة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية