الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5724 وقال محمد بن عيسى: حدثنا هشيم، أخبرنا حميد الطويل، حدثنا أنس بن مالك قال: كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  محمد بن عيسى بن الطباع، بفتح الطاء المهملة وتشديد الباء الموحدة وبالعين المهملة، أبو جعفر البغدادي، نزل أذنة، بفتح الهمزة والذال المعجمة والنون، وهي بلدة بالقرب من طرسوس، وقال أبو داود: كان يحفظ نحو أربعين ألف حديث، مات سنة أربع وعشرين ومائتين، وقال بعضهم: لم أر له في البخاري سوى هذا الموضع. قلت: قال الذي جمع رجال الصحيحين: روى عنه البخاري في آخر الحج والأدب، وقال في الموضعين: قال محمد بن عيسى، وقال صاحب التوضيح، وهذا يشبه أن يكون البخاري أخذه عن شيخه محمد بن عيسى مذاكرة. وقال أبو جعفر بن حمدان النيسابوري: كل ما قال البخاري: قال لي فلان؛ فهو عرض ومناولة، وقال بعض المغاربة: يقول البخاري: قال لي، وقال لنا، ما علم له إسناد لم يذكره للاحتجاج به، وإنما ذكره للاستشهاد به، وكثيرا ما يعبر المحدثون بهذا اللفظ مما جرى بينهم في المذاكرات والمناظرات، وأحاديث المذاكرة قلما [ ص: 141 ] يحتجون بها. قاله الحافظ الدمياطي، وهشيم بن بشير أبو معاوية الواسطي.

                                                                                                                                                                                  والحديث من أفراد البخاري، وأخرجه أحمد بن حنبل عن هشيم.

                                                                                                                                                                                  قوله: " لتأخذ" اللام فيه للتأكيد، وهي مفتوحة، والمراد من الأخذ بيده: لازمه، وهو الرفق والانقياد، يعني: كان خلق رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على هذه المرتبة، وهو أنه لو كان لأمة حاجة إلى بعض مواضع المدينة، وتلتمس منه مساعدتها في تلك الحاجة، واحتاجت بأن يمشي معها لقضائها، لما تخلف عن ذلك حتى يقضي حاجتها. قوله: " فتنطلق به حيث شاءت"، وفي رواية أحمد: " فتنطلق به في حاجتها"، وله من طريق علي بن يزيد، عن أنس: " إن كانت الوليدة من ولائد أهل المدينة لتجيء وتأخذ بيد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فما تنزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت"،وأخرجه ابن ماجه من هذا الوجه.

                                                                                                                                                                                  وهذا دليل على مزيد تواضعه وبراءته من جميع أنواع الكبر صلى الله تعالى عليه وسلم، وفيه أنواع من المبالغة من جهة أنه ذكر المرأة لا الرجل، والأمة لا الحرة، وعمم بلفظ "الإماء"؛ أي أمة كانت، وبقوله: " حيث شاءت" من الأمكنة، وعبر عنه بالأخذ باليد، الذي هو غاية التصرف، ونحوه.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية