الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5703 78 - حدثنا عمر بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، عن المعرور، عن أبي ذر قال: رأيت عليه بردا وعلى غلامه بردا، فقلت: لو أخذت هذا فلبسته كانت حلة، وأعطيته ثوبا آخر، فقال: كان بيني وبين رجل كلام، وكانت أمه أعجمية، فنلت منها، فذكرني إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: أساببت فلانا؟ قلت: نعم، قال: أفنلت من أمه؟ قلت: نعم، قال: إنك امرؤ فيك جاهلية. قلت: على حين ساعتي هذه من كبر السن؟ قال: نعم، هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن جعل الله أخاه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس، ولا يكلفه من العمل ما يغلبه، فإن كلفه ما يغلبه فليعنه عليه.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: " أساببت فلانا".

                                                                                                                                                                                  وعمر بن حفص بن غياث مر عن قريب، وكذا الأعمش هو سليمان، والمعرور، بفتح الميم وسكون العين المهملة وضم الراء الأولى، ابن سويد. قال الكرماني: بتصغير السود. قلت: ليس كذلك، بل بتصغير الأسود. وذكر في بعض النسخ عن المعرور هو ابن سويد، وإنما قال: هو؛ لأنه أراد تعريفه، وشيخه لم يذكره فلم يرد أن ينسب إليه.

                                                                                                                                                                                  والحديث قد مر في كتاب الإيمان في باب: المعاصي من أمر الجاهلية.

                                                                                                                                                                                  قوله: " قال"؛ أي: المعرور " رأيت عليه"؛ أي: على أبي ذر. قوله: " بردا" بضم الباء الموحدة، وقد مر تعريفه غير مرة. قوله: " لو أخذت هذا"؛ أي: البرد الذي على غلامك " فلبسته كانت حلة"؛ لأن الحلة إزار ورداء، ولا تسمى حلة حتى يكون ثوبين. قوله: " وبين رجل كلام"؛ الرجل هو بلال المؤذن، واسم أمه حمامة، بفتح الحاء المهملة وتخفيف الميم. قوله: " فنلت منها"؛ أي: تكلمت في عرضها، وهو من النيل. قوله: " جاهلية"؛ أي: إنك في تعيير أمه على ما يشبه أخلاق الجاهلية؛ أي: أهلها، وهي زمان الفترة قبل الإسلام، والتنوين في جاهلية للتقليل والتحقير، ويحتمل أن يراد بالجاهلية الجهل، أي: إن فيك جهلا، فقال: هل في جهل وأنا شيخ كبير. قوله: " هم" راجع إلى المماليك، أو إلى الخدم أعم من أن يكون مملوكا أو أجيرا، ويقال: فيه إضمار قبل الذكر; لأن لفظ "تحت أيديكم" قرينة لذلك؛ لأنه مجاز عن الملك. قوله: " ما يغلبه"؛ أي: ما تصير قدرته فيه مغلوبة؛ أي: ما يعجز عنه، أي لا يكلفه ما لا يطيق.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية