الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة ) : قرأ الجحدري : " فأثابهم " من الإثابة . ولما تقدم في دعائهم ما يتضمن الإجابة فيه الثوابين وهو قولهم : اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا ، فهذا يتضمن ثواب الآخرة ، وثبت أقدامنا وانصرنا يتضمن ثواب الدنيا ، أخبر تعالى أنه منحهم الثوابين ، وهناك بدأوا في الطلب بالأهم عندهم ، وهو ما ينشأ عنه ثواب الآخرة ، وهنا أخبر بما أعطاهم مقدما . ذكر ثواب الدنيا ليكون ذلك إشعارا لهم بقبول دعائهم وإجابتهم إلى طلبهم ؛ ولأن ذلك في الزمان متقدم على ثواب الآخرة . قال قتادة وابن إسحاق وغيرهما : ثواب الدنيا هو الظهور على عدوهم . وقال ابن جريج : هو الظفر والغنيمة . وقال الزمخشري : ثواب الدنيا من النصرة والغنيمة والعز وطيب الذكر . وقال النقاش : ليس إلا الظفر والغلبة ؛ لأن الغنيمة لم تحل إلا لهذه الأمة . وهذا صحيح ثبت في الحديث الصحيح : " وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي " وهي إحدى الخمس الذي أوتيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يؤتها أحد قبله . وحسن ثواب الآخرة الجنة بلا خلاف . قاله ابن عطية . وقيل : الأجر والمغفرة . وخص ثواب الآخرة بالحسن دلالة على فضله وتقدمه ، وأنه هو المعتد به عنده (تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة ) وترغيبا في طلب ما يحصله من العمل الصالح ، ومناسبة لآخر الآية . قال علي : من عمل لدنياه أضر بآخرته ، ومن عمل لآخرته أضر بدنياه ، وقد يجمعهما الله تعالى لأقوام .

( والله يحب المحسنين ) : قد فسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإحسان حين سئل عن حقيقته في حديث سؤال جبريل : أن تعبد الله كأنك تراه . وفسره المفسرون هنا بأحد قولين ، وهو من أحسن ما بينه وبين ربه في لزوم طاعته ، أو من ثبت في القتال مع نبيه حتى يقتل أو يغلب .

التالي السابق


الخدمات العلمية