الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ) قال الكلبي : كانوا إذا نودي بالصلاة قام المسلمون إليها فتقول اليهود : قاموا لا قاموا ، صلوا لا صلوا ، ركعوا لا ركعوا ، على طريق الاستهزاء والضحك فنزلت . وقال السدي : كان نصراني بالمدينة يقول إذا سمع المؤذن يقول : أشهد أن محمدا رسول الله ، أحرق الكاذب ، فطارت شرارة في بيته فاحترق هو وأهله ، فنزلت . وقيل : حسد اليهود الرسول حين سمعوا الآذان وقالوا : ابتدعت شيئا لم يكن للأنبياء ، فمن أين لك الصياح كصياح العير ؟ فما أقبحه من صوت . فأنزل الله هذه الآية . وأنزل : ( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله ) الآية . انتهى ; والمعنى : إذا نادى بعضكم إلى الصلاة ، لأن الجميع لا ينادون . ولما قدم أنهم الذين اتخذوا الدين هزوا ولعبا اندرج في ذلك جميع ما انطوى عليه الدين ، فجرد من ذلك أعظم أركان الدين [ ص: 516 ] ونص عليه بخصوصه وهي الصلاة التي هي صلة بين العبد وربه ، فنبه على أن من استهزأ بالصلاة ينبغي أن لا يتخذ وليا ويطرد ، فهذه الآية جاءت كالتوكيد للآية قبلها . وقال بعض العلماء : في هذه الآية دليل على ثبوت الأذان بنص الكتاب ، لا بالمنام وحده . انتهى . ولا دليل في ذلك على مشروعيته لأنه قال وإذا ناديتم ، ولم يقل نادوا على سبيل الأمر ، وإنما هذه جملة شرطية دلت على سبق المشروعية لا على إنشائها بالشرط . والظاهر أن الضمير في اتخذوها عائد على الصلاة ، ويحتمل أن يعود على المصدر المفهوم من ناديتم ; أي : اتخذوا المناداة والهزء والسخرية واللعب الأخذ في غير طريق .

( ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ) أي : ذلك الفعل منهم ، ونفى العقل عنهم لما لم ينتفعوا به في الدين ، واتخذوا دين الله هزوا ولعبا فعل من لا عقل له .

التالي السابق


الخدمات العلمية