الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) قيل : سبب نزول هذه الآية أن امرأة لطمها زوجها فاستعدت ، فقضي لها بالقصاص ، فنزلت . فقال : ( أردت أمرا وأراد الله غيره ) قاله : الحسن ، والسدي ، وابن جريج ، والسدي وغيرهم . فذكر التبريزي والزمخشري وابن عطية : أنها حبيبة بنت زيد بن أبي زهير زوج [ ص: 239 ] الربيع بن عمر ، وأحد النقباء من الأنصار . وطولوا القصة ، وفي آخرها : فرفع القصاص بين الرجل والمرأة ، وقال أبو الكلبي : هي حبيبة بنت محمد بن سلمة زوج سعيد بن الربيع . وقال أبو روق : هي جميلة بنت عبد الله بن أبي أوفى زوج ثابت بن قيس بن شماس . وقيل : نزل معها : ( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ) وفي سبب من عين المرأة أن زوجها لطمها بسبب نشوزها . وقيل : سبب النزول قول أم سلمة المتقدم : لما تمنى النساء درجة الرجال عرفن وجه الفضيلة قيل : المراد بالرجال هنا من فيهم صدامة وحزم ، لا مطلق من له لحية . فكم من ذي لحية لا يكون له نفع ولا ضر ولا حرم ، ولذلك يقال : رجل بين الرجولية والرجولة . ولذلك ادعى بعض المفسرين أن في الكلام حذفا تقديره : الرجال قوامون على النساء إن كانوا رجالا . وأنشد :


أكل امرئ تحسبين امرأ ونار توقد بالليل نارا



والذي يظهر أن هذا إخبار عن الجنس لم يتعرض فيه إلى اعتبار أفراده ، كأنه قيل : هذا الجنس قوام على هذا الجنس . وقال ابن عباس : قوامون مسلطون على تأديب النساء في الحق . ويشهد لهذا القول ( طاعتهن لهم في طاعة الله ) . وقوام : صفة مبالغة ، ويقال : قيام وقيم ، وهو الذي يقوم بالأمر ويحفظه . وفي الحديث : ( أنت قيام السماوات والأرض ومن فيهن ) والباء في ( بما ) للسبب ، و ( ما ) مصدرية ، أي : بتفضيل الله . ومن جعلها بمعنى الذي فقد أبعد ، إذ لا ضمير في الجملة ، وتقديره محذوفا مسوغ لحذفه ، فلا يجوز .

والضمير في بعضهم عائد على الرجال والنساء . وذكر تغليبا للمذكر على المؤنث ، والمراد بالبعض الأول الرجال ، وبالثاني النساء . والمعنى : أنهم قوامون عليهن بسبب تفضيل الله الرجال على النساء ، هكذا قرروا هذا المعنى . قالوا : وعدل عن الضميرين فلم يأت بما فضل الله عليهن لما في ذكر بعض من الإبهام الذي لا يقتضي عموم الضمير ، فرب أنثى فضلت ذكرا . وفي هذا دليل على أن الولاية تستحق بالفضل لا بالتغلب والاستطالة ، وذكروا أشياء مما فضل به الرجال على النساء على سبيل التمثيل . فقال الربيع : الجمعة والجماعة . وقال الحسن : النفقة عليهن . وينبو عنه قوله : وبما أنفقوا . وقيل : التصرف والتجارات . وقيل : الغزو ، وكمال الدين ، والعقل . وقيل : العقل ، والرأي ، وحل الأربع ، وملك النكاح ، والطلاق ، والرجعة ، وكمال العبادات ، وفضيلة الشهادات ، والتعصيب ، وزيادة السهم في الميراث والديات ، والصلاحية للنبوة ، والخلافة ، والإمامة ، والخطابة ، والجهاد ، والرمي ، والأذان ، والاعتكاف ، والحمالة ، والقسامة ، وانتساب الأولاد ، واللحى ، وكشف الوجوه ، والعمائم التي هي تيجان العرب ، والولاية ، والتزويج ، والاستدعاء إلى الفراش ، والكتابة في الغالب ، وعدد الزوجات ، والوطء بملك اليمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية