الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقال بعضهم : الأكل على ثلاثة أنواع : مع الفقراء بالإيثار ومع الإخوان بالانبساط ومع أبناء الدنيا بالأدب .

الأدب الثالث : أن يشهي المزور أخاه الزائر ويلتمس منه الاقتراح مهما كانت نفسه طيبة بفعل ما يقترح ، فذلك حسن وفيه أجر وفضل جزيل .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صادف من أخيه شهوة غفر له " ومن سر أخاه المؤمن فقد سر الله تعالى .

وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه جابر من لذذ أخاه بما يشتهي كتب الله له ألف ألف حسنة ومحى ، عنه ألف ألف سيئة ، ورفع له ألف ألف درجة ، وأطعمه الله من ثلاث جنات : جنة الفردوس ، وجنة عدن ، وجنة الخلد .

التالي السابق


(وقال بعضهم: الأكل على ثلاثة أنواع:) أكل (مع الفقراء) الصادقين (بالإيثار) أي: يؤثر بعضهم على بعض، فيود أن يأكل أخوه أكثر منه، (و) أكل (مع الإخوان) على طريق السلوك (بالانبساط) وترك الحشمة، (و) أكل (مع أبناء الدنيا) من أرباب الأموال (بالأدب) وحفظ الحرمة والسكون .

(الأدب الثالث: أن يشهي المزور أخاه الزائر ويلتمس منه الاقتراح مهما كانت نفسه طيبة) منشرحة (بفعل ما يقترح، فذلك حسن وفيه أجر) كبير (وفضل جزيل) ، قال داود بن علي الظاهري: حدثنا أبو ثور قال: كان الشافعي -رضي الله عنه- يشتري الجارية الصناع التي تطبخ وتعمل الحلوى ويشترط عليها هو أن لا يقربها لأنه كان عليلا بالباسور ويقول لنا: تشهوا ما أحببتم فقد اشتريت جارية تحسن أن تعمل ما تريدون، قال: فيقول لها بعض أصحابنا: اعملي لنا اليوم كذا وكذا، فكنا نحن الذين نأمرها بما نريد وهو مسرور بذلك، وفي "القوت ": فإن شهاه أخوه وسأله فلا بأس أن يذكر له شهوته ليصنعها، فيعينه على فضيلتها فقد روينا في فضل ذلك غير حديث منها الحديث المشهور (قال -صلى الله عليه وسلم-: " من صادف من أخيه شهوة غفر له") قال العراقي : رواه البزار والطبراني من حديث أبي الدرداء: من وافق من أخيه [ ص: 238 ] شهوة غفر له". قال ابن الجوزي: حديث موضوع. اهـ .

قلت: رواه الطبراني في الكبير من طريق نصر بن نجيح الباهلي عن عمرو بن حفص النهدي عن زياد النميري، عن أنس، عن أبي الدرداء قال الذهبي في الضعفاء: هذا إسناد مجهول، وقال الهيتمي: زياد النميري وثقه ابن حبان، وقال: يخطئ، وضعفه غيره، وفيه من لم أعرفه هكذا قال، فالذي يظهر من سياقهم أن هذا الحديث ضعيف شديد الضعف، وقول ابن الجوزي أنه موضوع فيه نظر .

(ومن سر أخاه المؤمن فقد سر الله تعالى) ، قال العراقي : رواه ابن حبان والعقيلي في الضعفاء من حديث أبي بكر الصديق: من سر مؤمنا فإنما يسر الله تعالى، الحديث. قال العقيلي: لا أصل له. اهـ .

قلت: وروي نحوه من حديث ابن مسعود رفعه: من سر مسلما بعدي فقد سرني في قبري، ومن سرني في قبري فقد سره الله يوم القيامة. هكذا رواه أبو الحسن بن شمعون في أماليه وابن النجار (وقال -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه) أبو الزبير عن (جابر) -رضي الله عنه-: (من لذذ أخاه بما يشتهي كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة، وأطعمه الله من ثلاث جنان: جنة الفردوس، وجنة عدن، وجنة الخلد) هكذا هو في "القوت " وقال العراقي : ذكره ابن الجوزي في الموضوعات من رواية محمد بن نعيم، عن أبي الزبير، عن جابر، وقال أحمد بن حنبل: هذا باطل كذب. اهـ .

قلت: ويروى عن أبي هريرة مرفوعا: "من أطعم أخاه المسلم شهوته حرمه الله على النار"، رواه البيهقي ، وعن معاذ: من أطعم مؤمنا حتى يشبعه من سغب أدخله الله بابا من أبواب الجنة، لا يدخله إلا من كان مثله. رواه الطبراني، وعن أبي سعيد: " من أطعم مسلما جائعا أطعمه الله من ثمار الجنة ". رواه أبو نعيم في " الحلية "، وعن عبد الله بن جراد: من أطعم كبدا جائعا أطعمه الله من أطيب طعام الجنة. رواه الديلمي.




الخدمات العلمية