الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ولا بأس أن يجتمعوا على غسل اليد في الطست في حالة واحدة ، فهو أقرب إلى التواضع وأبعد عن طول الانتظار .

فإن لم يفعلوه فلا ينبغي أن يصب ماء كل واحد بل يجمع الماء في الطست قال صلى الله عليه وسلم أجمعوا : وضوءكم جمع الله شملكم .

قيل : إن المراد هذا .

وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الأمصار لا يرفع : الطست من بين يدي قوم إلا مملوءة ولا تشبهوا بالعجم .

وقال ابن مسعود اجتمعوا على غسل اليد في طست واحد ولا تستنوا بسنة الأعاجم .

والخادم الذي يصب الماء على اليد كره بعضهم أن يكون قائما وأحب أن يكون جالسا لأنه أقرب إلى التواضع وكره بعضهم جلوسه ، فروي أنه صب الماء على يد واحد خادم جالسا ، فقام المصبوب عليه فقيل له : لم قمت ؟ فقال : أحدنا لا بد وأن يكون قائما .

وهذا أولى لأنه أيسر للصب وللغسل ، وأقرب إلى تواضع الذي يصب وإذا كان له نية فيه فتمكينه من الخدمة ليس فيه تكبر ، فإن العادة جارية بذلك

التالي السابق


(ولا بأس أن يجتمعوا على غسل اليد في الطست في حالة واحدة، فهو أقرب [ ص: 230 ] إلى التواضع وأبعد عن طول الانتظار) هذا إذا كان الطست واسعا والأباريق متعددة، وإلا فليقدم الكبير وذو السن والفضل والشرف (فإن لم يفعلوا فلا ينبغي أن يصب ماء كل واحد) على حدة (بل يجمع الماء) المستعمل (في الطست) ويرمى به مرة واحدة، وهذا أيضا إذا كان الطست واسعا يجمع ماء الكل، فإن كان صغيرا وامتلأ بغسل بعض الجماعة، فينبغي أن يصب ثم يؤتى لمن لم يغسل، (قال -صلى الله عليه وسلم-: اجمعوا وضوءكم جمع الله شملكم) والوضوء بالفتح اسم الماء الذي يتوضأ به، قال العراقي : رواه القضاعي في مسند الشهاب من حديث أبي هريرة بإسناد لا بأس به. وجعل ابن طاهر مكان أبي هريرة إبراهيم وقال: إنه معضل. اهـ. وقال العراقي : في موضع آخر: وفيه نظر (قيل: إن المراد به هذا) الذي ذكر هو ما يجمع من المياه بعد غسل الأيدي فإنه يسمى وضوءا، (وكتب عمر بن عبد العزيز) الأموي -رحمه الله تعالى - (إلى الأمصار: أن لا ترفع الطست من بين يدي القوم إلا مملوءة ولا تشبهوا بالعجم) نقله هكذا صاحب "القوت "، ورواه البيهقي في الشعب بلفظ: إن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامله بواسط يحض أن الرجل يتوضأ في طست ثم يأمر بها فتهراق، وهذا من زي الأعاجم، فتوضؤوا فيها، فإذا امتلأت فأهريقوها.

(وقال ابن مسعود ) -رضي الله عنه-: (اجتمعوا على غسل اليد في طست واحد ولا تستنوا بسنة الأعاجم) . نقله صاحب "القوت " أيضا، وفي هذا المعنى حديث مرفوع عن ابن عمر : " انزعوا الطسوس وخالفوا المجوس " رواه البيهقي والخطيب والديلمي وضعفه البيهقي ، وقال: في إسناده من يجهل. وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح، وأكثر رواته ضعفاء ومجاهيل (والخادم الذي يصب الماء على اليد كره بعضهم أن يكون قائما) على رجليه (وأحب أن يكون جالسا لأنه أقرب إلى التواضع) ، والمراد بالبعض هنا صاحب "القوت " فإنه هو الذي قال: وأكره قيام الخادم، وأحب إلي أن يصب على يده جالسا اهـ. (وكره بعضهم جلوسه، فروي أنه صب على يد واحد خادم جالسا، فقام المصبوب عليه فقيل له: لم قمت ؟ فقال: أحدنا لا بد وأن يكون قائما) قال الشيخ: (وهذا أولى لأنه أيسر للصب والغسل، وأقرب إلى تواضع الذي يصب) ، وهذا إذا كان الطست صغيرا وأمكن الخادم حمله بيده اليسرى والإبريق في اليمنى، فإذا كان كبيرا لا يمكنه ذلك (وإذا كان له) أي: للخادم (نية فيه) صالحة وهو التبرك بخدمة الإخوان وأهل الفضل (فتمكينه من الخدمة ليس فيه تكبر، فإن العادة جارية بذلك) من غير نكير .




الخدمات العلمية