الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثالث حضور شاهدين ظاهري العدالة فإن كانا مستورين حكمنا بالانعقاد للحاجة .

[ ص: 325 ]

التالي السابق


[ ص: 325 ] (الثالث حضور شاهدين ظاهري العدالة) ، فلا ينعقد النكاح إلا بحضورهما، وعبارة المصنف في الوجيز لا ينعقد إلا بحضور عدلين مسلمين بالغين حرين سميعين بصيرين ذكرين مقبولي الشهادة للزوجين وعليهما ليسا بعدوين ولا ابنين لا أبوين لهما ، وفي هذا الركن خلاف لمالك ، وفي قوله: عدلين " وجه " في المذهب عدم اشتراط ذلك ، وكذا ففي قوله: " مسلمين " وجه في المذهب وكذا في قوله: " بصيرين " ، وفي قوله: " ذكرين " خلاف لأبي حنيفة ومالك ، وقوله: " ليسا بعدوين " الأصح في المذهب أنه بشهادتهما، وكذا في الابنين والأبوين وجه في المذهب أنه يصبح بشهادتهما على الأصح . وقال الأصفهاني في شرح المحرر: حضور الشاهدين معتبر في النكاح وشرط لصحة النكاح وليس بركن ، قال: ويعتبر في شاهدي النكاح صفات سبعة:

الأولى: الإسلام فلا ينعقد بحضور الكافرين أو مسلم وكافر ، سواء كان العقد بين ذميين أو بين مسلمين أو بين مسلم وذمية ، وقال أبو حنيفة ينعقد نكاح الذمية بشهادة ذميين .

الثانية: التكليف فلا ينعقد بحضور الصبيان والمجانين .

الثالثة: الحرية فلا ينعقد بحضور العبد قنا أو مدبرا أو مكاتبا .

الرابعة: العدالة فلا ينعقد بحضور الفاسقين أو عدل وفاسق خلافا لأبي حنيفة .

الخامسة: الذكور فلا ينعقد بحضور النساء ولا بحضور رجل وامرأتين ، وقال أبو حنيفة وأحمد ينعقد بشهادة رجل وامرأتين .

السادسة: السمع فلا ينعقد بحضور الأصمين ولا سميع وأصم ، والمراد بالأصم من لا يسمع أصلا .

السابعة: البصر فلا ينعقد بحضور الأعميين ولا بصير وأعمى في أصح الوجهين ، والوجه الثاني ينعقد لأنه عدل يفهم الخطاب .

(فإن كانا مستورين حكمنا بالانعقاد للحاجة) ومستور العدالة من يعرف بالعدالة ظاهرا لا باطنا، هكذا ذكره شراح الوجيز، وعبارة البغوي في التهذيب: ولا ينعقد النكاح بشهادة من لا تعرف عدالته ظاهرا ، فالمراد بمستور العدالة هو مستورها باطنا لا مستورها ظاهرا ، فإنه لا بد وأن يكون الشاهد ظاهر العدالة ، والمراد بالعدالة الباطنة ما ثبتت عند الحاكم بالتزكية ، وبالعدالة الظاهرة ما عرفت بالمخالطة قال المصنف في الوجيز ، فإن بان كونه فاسقا عند العقد تبين البطلان على قول، وإنما يتبين بحجة أو بذكر لا باعتراف المستور ، وإذا عرف أحد الزوجين فسقه عند العقد لم ينعقد ، فإن أقر الزوج بأنه عرف ، وأنكرت بانت منه ووجب شطر المهر إن كان قبل المسيس. اهـ .

أي: بينونة طلاق على ما أفصح به في الوسيط ، هكذا ذكر أصحاب القفال ، وعن الشيخ أبي حامد والعراقيين أنها فرقة فسخ لا ينقص بها عدد الطلاق .



تنبيه

الأصل المجمع عليه عند أبي حنيفة وأصحابه أن كل من ملك قبول النكاح لنفسه ينعقد النكاح بحضوره ، فيدخل فيه الفاسق والمحدود في القذف إذا تاب ، أما الفاسق فإنه من أهل الولاية القاصرة على نفسه بلا خلاف لأنه له أن يزوج نفسه وعبده وأمته، ويقر بما يتعلق بنفسه من القتل وغيره ، فيكون من أهل تحمل الشهادة ، وإن لم يكن من أهل أدائها لأن كلا من التحمل والولاية القاصرة لا إلزام فيه، وأما المحدود في القذف فإنه أيضا من أهل الولاية القاصرة على نفسه؛ لأنه إن لم يتب فهو فاسق كغيره من الفساق ، وإن تاب كان القياس أن يكون من أهل الولاية المتعدية إلا أن النص القاطع أخرجه من أهليتها. والله أعلم .




الخدمات العلمية