الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولا ينبغي أن يجلس في مقابلة باب الحجرة التي للنساء وسترهم .

ولا يكثر النظر إلى الموضع الذي يخرج منه الطعام فإنه دليل على الشره .

ويخص بالتحية والسؤال من يقرب منه إذا جلس .

وإذا دخل ضيف للمبيت فليعرفه صاحب المنزل عند الدخول القبلة وبيت الماء وموضع الوضوء كذلك فعل مالك بالشافعي رضي الله عنهما .

وغسل مالك يده قبل الطعام قبل القوم وقال : الغسل قبل الطعام لرب البيت أول لأنه يدعو الناس إلى كرمه ، فحكمه أن يتقدم بالغسل وفي آخر الطعام يتأخر بالغسل لينتظر أن يدخل من يأكل فيأكل معه .

وإذا دخل فرأى منكرا غيره إن قدر وإلا أنكر بلسانه وانصرف .

التالي السابق


(ولا ينبغي أن يجلس في مقابلة باب الحجرة الذي للنساء) أي: الذي يخرجن منه ويدخلن فيه لقضاء الحاجات (وسترهم) كذا في النسخ (ولا يكثر النظر إلى الموضع الذي يخرج منه الطعام) وهو باب المطبخ، (فإنه دليل الشره) والحرص (ويخص بالتحية) أي: السلام (والسؤال) عن الحال (من يتقرب منه) في المجلس (إذا جلس) صدره وعضده عمن هو بجنبه بالتفاته إلى واحد، فإنه ربما يورث الإيحاش للمعطوف عنه، وإنما يتكلم بلسانه ويلتفت بوجهه فقط إكراما للحاضرين، ولا يسألهم عما لا يليق ذكره في المجلس، وإنما يكون المحاورة في حكايات الصالحين وأهل الخير ليقتدوا بهم، ولأجل أن تنزل البركات عند ذكرهم، ولا يستقصي في السؤال فربما يخجل صاحبه بذلك، (وإذا دخل ضيف) واتفق أنه دعاه رب المنزل (للمبيت) بأن كان بيته بعيدا أو محبة، (فليعرفه صاحب المنزل عند الدخول القبلة وبيت الماء) أي: محل قضاء الحاجة وهي كناية حسنة، أي: بيت إراقة الماء (وموضع الوضوء) هذا إذا كان مستغربا لم يدخل الموضع قط، وإلا فلا يحتاج إلى تعريفه لاشتهار كل من الثلاثة في المواضع المورودة غالبا، وإنما قدم القبلة في الذكر لشرفها، ولأن أكثر [ ص: 248 ] أحوال المدعوين أن يكونوا متوضئين، فإذا أراهم القبلة فإنه ربما يكون سببا لصلاتهم فتحصل البركة لصاحب الدار، (كذلك فعل مالك بالشافعي -رضي الله عنهما-) لما نزل عنده بالمدينة (وغسل مالك يده قبل) حضور (الطعام) و (قبل القوم وقال: الغسل قبل الطعام لرب البيت) أي: صاحب المنزل (أولا) قبل الجماعة ليتعلموا منه ما ينفع في دينهم و (لأنه يدعو الناس إلى كرمه، فحكمه أن يتقدم بالغسل) قبل الناس (وفي آخر الطعام يتأخر بالغسل) لحوز الثواب، ومن هنا تؤخر الأجواد أطعمتهم إلى قرب العشاء لأجل هذا الانتظار، ورأيت على هذا القدم عامة من عرفته ببلاد مصر من الأعراب بل ومشايخ الزوايا على هذا القدم، وكنت أسمع مشايخي يقولون: إنما يتأخر رب المنزل بعد الجماعة في الغسل لئلا ينتظر من بالمجلس من ذوي الأنساب والهيئات الطست والإبريق فتسيء أخلاقهم بخلاف الأول، (وإذا دخل) الدار (فرأى) فيها (منكرا) من المناكير الشرعية (غيره) بيده (إن قدر) وكان ممن يتأهل لإزالته من غير إصابة مكروه له في دينه أو عرضه أو ماله، (وإلا أنكر بلسانه) أي: بالتكلم جهرا في كونه منكرا شرعا (وانصرف) وسقط عنه حق الإجابة .




الخدمات العلمية