الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثالث : أن يكون المتصرف فيه مملوكا للعاقد أو مأذونا من جهة المالك ولا يجوز أن يشتري من غير المالك ، انتظارا للإذن من المالك ، بل لو رضي بعد ذلك ، وجب استئناف العقد ولا ينبغي أن يشتري من الزوجة مال .

الزوج ولا من الزوج ، مال الزوجة ، ولا من الوالد مال الولد ولا من الولد مال الوالد ، اعتمادا على أنه لو عرف لرضي ، فإنه إذا لم يكن الرضا متقدما ، لم يصح البيع وأمثال ذلك مما يجري في الأسواق ، فواجب على العبد المتدين أن يحترز منه .

التالي السابق


(الثالث: أن يكون) المبيع (المتصرف فيه ملكا للعاقد) وعبارة الوجيز: أن يكون مملوكا للعاقد، وقال في موضع آخر: كونه ملكا لمن يقع العقد له، إن كان مباشره لنفسه فينبغي أن يكون له، وإن كان مباشره لغيره بولاية، أو وكالة، فينبغي أن يكون لذلك الغير، وإليه أشار بقوله: (أو مأذونا فيه من جهة المالك) قال الرافعي: واعتبار هذا الشرط ليس متفقا عليه، ولكنه مفرع على الصحيح، كما ستعرفه .

وفي الفصل مسائل، منها ما أشار إليه المصنف بقوله: (فلا يجوز أن يشتري من غير إذن المالك، انتظارا لإذن المالك، بل لو رضي بعد ذلك، وجب استئناف العقد) وهذا مبني على الجديد هنا، أنه إذا باع مال الغير، بغير إذن، وولاية، يكون لاغيا; لما روي أنه صلى الله عليه وسلم، قال لحكيم بن حزام: لا تبع ما ليس عندك. والقديم: أنه ينعقد موقوفا على إجازة المالك، إن أجاز نفذ، وإلا لغا; لما روي أنه صلى الله عليه وسلم، دفع دينارا إلى عروة البارقي ليشتري به شاة، فاشترى به شاتين، وباع إحداهما بدينار، وجاء بشاة ودينار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بارك الله لك في صفقة يمينك. والاستدلال: أنه باع الشاة الثانية، بغير إذن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إنه أجازه; ولأنه عقد له مجيز في الحال، فينعقد موقوفا، كالوصية .

ومشى المصنف على القول الجديد، وقال: (ولا ينبغي أن يشتري من الزوجة مال الزوج، ولا من الزوج مال الزوجة، ولا من الولد مال الوالد، اعتمادا على أنه لو عرف رضي به، فإنه إذا لم يكن الرضا متقدما، لم يصح البيع) ومما يؤيد القول الجديد: أن بيع الآبق غير صحيح، مع كونه مملوكا له; لعدم القدرة على التسليم، فبيع ما لا يملك، ولا قدرة على تسليمه، أولى أن لا يصح .

ومما له تعلق بهذه المسألة: أن الفضولي لو اشترى لغيره شيئا، نظر إن اشترى بعين ماله، ففيه القولان، وإن اشترى في الذمة، نظر، إن أطلق، ونوى كونه للغير، فعلى الجديد: يقع عن المباشر، وعلى القديم: يتوقف على الإجازة، فإن رد نفذ في حقه، ومذهب مالك كالقول الجديد، وعند أحمد روايتان، كالقولين، ومذهب أبي حنيفة كالقول القديم في البيع، وأما في الشراء، فقد قال في صورة شراء المطلق: يقع عن جهة العاقد، ولا ينعقد موقوفا .

ومن مسائل هذا الفصل: لو غصب أموالا، وباعها، وتصرف في أثمانها، مرة بعد أخرى، ففيه القولان، أصحهما: البطلان. والثاني: للمالك أن يجيزها، ويأخذ الحاصل منها، وعلى هذا الخلاف، ينبني الخلاف في أن الغاصب إذا ربح في المال المغصوب، يكون الربح له، أو للمالك، مذكور في باب القراض .

ففي مسائل هذا الفصل: لو باع مال ابنه على ظن أنه حي، فهو فضولي، فبان أنه كان [ ص: 431 ] يومئذ ميتا، وأن المبيع ملك العاقد، ففيه قولان: أصحهما: أن البيع صحيح; لصدوره من المالك. الثاني: أنه باطل; لأن هذا العقد وإن كان منجزا في الصورة، فهو في المعنى متعلق، وقد ضعف هذا القول. (وأمثال ذلك مما يكثر في الأسواق، فواجب على العبد المتدين أن يحترز منه) استبراء لدينه .




الخدمات العلمية