الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والأظهر أنه لو قال لأربع والله لا أجامعكن فليس بمول في الحال ) ؛ لأنه لا يحنث إلا بوطء الكل إذ المعنى لا أطأ جميعكن كما لو حلف لا يكلم هؤلاء ، وفارقت ما بعدها بأن هذه من باب سلب العموم وتلك من باب عموم السلب كما يأتي ( فإن جامع ثلاثا ) منهن ولو بعد البينونة أو في الدبر ؛ لأن اليمين يشمل الحلال والحرام ( فمول من الرابعة ) لحنثه حينئذ بوطئها ( فلو مات بعضهن قبل وطء زال الإيلاء ) لتحقق امتناع الحنث إذ الوطء إنما يقع على ما في الحياة أما بعد وطئها وقبل وطء الأخريات فلا يزول ( ولو قال ) لهن والله ( لا أجامع ) واحدة منكن ولم يرد واحدة معينة أو مبهمة بأن أراد الكل أو أطلق كان موليا من كل منهن حملا له على عموم السلب فإن النكرة في سياق النفي للعموم فيحنث بوطء واحدة ويرتفع الإيلاء عن الباقيات .

                                                                                                                              أما إذا أراد واحدة فيختص بها ويعينها أو يبينها أو لا أجامع ( كل واحدة منكن فمول من كل واحدة ) منهن على حدتها لعموم السلب لوطئهن بخلاف لا أطؤكن فإنه لسلب العموم أي لا يعم وطئي لكن فإذا وطئ واحدة حنث وزال الإيلاء في حق الباقيات كما نقلاه عن تصحيح الأكثرين وقال الإمام لا يزول [ ص: 168 ] كما هو قضية الحكم بتخصيص كل بالإيلاء وهو ظاهر المعنى ولذا بحث الرافعي أنه إن أراد تخصيص كل بالإيلاء لم ينحل وإلا كان كلا أجامعكن فلا يحنث إلا بوطء جميعهن وأجاب عنه البلقيني بما لا يدفعه ، ومن ثم أيده غيره بقول المحققين تأخر المسور بكل عن النفي يفيد سلب العموم لا عموم السلب ومن ثم كانت تسوية الأصحاب بين صورة المتن ولا أطأ واحدة مشكلة وأجيب بأن ما قاله المحققون أكثري لا كلي بدليل قوله تعالى { إن الله لا يحب كل مختال فخور } وفيه نظر ؛ لأن هذا إنما حمل على النادر بشهادة المعنى ولا كذلك هنا فحمله عليه بعيد جدا وقد يوجه تصحيح الأكثرين بأنهم إنما حكموا بإيلائه من كلهن ابتداء فقط ؛ لأن اللفظ ظاهر فيه سواء أقلنا أن عمومه بدلي أم شمولي .

                                                                                                                              وأما إذا وطئ إحداهن فلا يحكم بالعموم الشمولي حينئذ حتى تتعدد الكفارة ؛ لأنه يعارضه أصل براءة الذمة منها بوطء من بعد الأولى وساعد هذا الأصل تردد اللفظ بين العموم البدلي والشمولي وإن كان ظاهرا في الشمولي فلم تجب كفارة أخرى بالشك ويلزم من عدم وجوبها ارتفاع الإيلاء ولا نظر لنية الكل في الأولى ولا للفظ كل في الثانية ؛ لأن الكفارة حكم رتبه الشارع فلم يتعدد لا بما يقتضي تعدد الحنث نصا ولم يوجد ذلك هنا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله فإذا وطئ واحدة إلخ ) تفريع على قول المتن فمول من كل واحدة . ( قوله كما نقلاه عن تصحيح الأكثرين ) وهو المعتمد شرح م ر [ ص: 168 ] قوله وأجاب عنه ) أي عن بحث الرافعي وقوله ومن ثم أيده أي بحث الرافعي ولهذا عبر شيخ الإسلام في شرح البهجة بقوله ويؤيد ما بحثه أي الرافعي قول المحققين إلخ ثم قال وقد منع البلقيني بحث الرافعي بأن الحلف الواحد على متعدد يوجب تعلق الحنث بأي واحد وقع لا تعدد الكفارة واليمين الواحدة لا يتبعض فيها الحنث ومتى حصل فيها حنث حصل الانحلال قال وقد ذكر ذلك الروياني وقال إنه ظاهر المذهب انتهت عبارة شرح البهجة . ( قوله غيره ) أي شيخ الإسلام . ( قوله بين صورة المتن ) أي قوله ولو قال لا أجامع كل واحدة منكن فمول من كل واحدة . ( قوله ولا أطأ واحدة ) قال في شرح البهجة حيث لا إرادة . ( قوله مشكلة ) عبارة شرح البهجة لشيخ الإسلام فتسوية الأصحاب بينهما حينئذ في الحكم بعيدة وأبعد منها قطعهم به في الأولى دون الثانية . ( قوله وأجيب ) لمجيب هو شيخ الإسلام . ( قوله سواء أقلنا إن عمومه بدلي أم شمولي ) في الترديد بين الشمولي والبدلي مع كون النكرة في سياق النفي للعموم الشمولي وضعا نظر فإن بني البدل على احتمال سلب العموم فلا يسلم أنه يقتضيه مع أن قضية هذا البناء حينئذ أن يكون الظاهر البدلي ؛ لأن سلب العموم هو [ ص: 169 ] الأكثر كما تقدم لا الشمولي كما قال



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : لأنه لا يحنث ) إلى قوله بما لا يدفعه في المغني . ( قوله كما لو حلف لا يكلم إلخ ) أي فإنه لا يحنث إلا بتكليم الجميع والكلام عند الإطلاق فلو أراد أنه لا يكلم واحدا منهم حنث بتكليم كل واحد على انفراده ا هـ ع ش أي وإذا كلم واحدا منهم حنث وانحل اليمين في حق الباقين أخذا مما يأتي عن تصحيح الأكثرين ( قوله حينئذ ) أي حين جماعة ثلاثا منهن . ( قوله أما بعد وطئها إلخ ) محترز قول المتن قبل وطء أي أما لو ماتت بعد وطئها إلخ . ( قوله أما إذا أراد واحدة إلخ ) عبارة المغني فإن أراد الامتناع من واحدة منهن معينة فمول منها فقط ويؤمر بالبيان كما في الطلاق ويصدق بيمينه في إرادتها وإن أراد واحدة مبهمة وكان موليا من إحداهن ويؤمر بالتعيين فإذا عين كان ابتداء المدة من وقت التعيين على الأصح ا هـ . ( قوله فيختص ) أي الإيلاء . ( قوله ويعينها ) أي في صورة الإبهام أو بينهما أي في صورة التعيين ا هـ سيد عمر .

                                                                                                                              ( قول المتن فمول من كل واحدة ) كما لو أفردها بالإيلاء فإذا مضت المدة فلكل مطالبته ا هـ مغني . ( قوله أي لا يعم إلخ ) تفسير لسلب العموم ( قوله فإذا وطئ إلخ ) تفريع على قول المتن فمول من كل واحدة سم و ع ش ( قوله كما نقلاه عن تصحيح الأكثرين ) وهو المعتمد نهاية [ ص: 168 ] ومغني ( قوله كما هو ) أي عدم الزوال . ( قوله وهو ) أي ما قاله الإمام . ( قوله ولذا ) أي لما قاله الإمام ا هـ ع ش أو لكونه ظاهر المعنى . ( قوله لم ينحل ) أي الإيلاء عن الباقيات . ( قوله وأجاب عنه ) أي عن بحث الرافعي سم ورشيدي . ( قوله بما لا يدفعه ) عبارة المغني بأن الحلف الواحد على متعدد يوجب تعلق الحنث بأي واحد وقع لا تعدد الكفارة واليمين الواحدة لا يتبعض فيها الحنث ومتى حصل فيها حنث حصل الانحلال ا هـ زاد سم عليها عن شرح البهجة لشيخ الإسلام ما نصه قال أي البلقيني وقد ذكر ذلك الروياني وقال أنه ظاهر المذهب ا هـ . ( قوله أيده ) أي بحث الرافعي سم ورشيدي . ( قوله غيره ) أي شيخ الإسلام سم ورشيدي عبارة ع ش أي غير البلقيني ا هـ والأول تفسير للمضاف والثاني للمضاف إليه ( قوله بين صورة المتن ) أي لا أجامع كل واحدة منكن سم و ع ش .

                                                                                                                              ( قوله ولا أطأ واحدة ) قال في شرح البهجة حيث لا إرادة وقوله مشكلة عبارة شرح البهجة لشيخ الإسلام فتسوية الأصحاب بينهما حينئذ في الحكم بعيدة وأبعد منها قطعهم به في الأولى دون الثانية انتهت ا هـ سم ( قوله وأجيب ) المجيب هو شيخ الإسلام ا هـ سم . ( قوله وفيه نظر ) أي في هذا الجواب . ( قوله : لأن هذا ) أي قوله تعالى المذكور . ( قوله سواء أقلنا أن عمومه بدلي أم شمولي ) في التردد بين الشمولي والبدلي مع كون النكرة في سياق النفي للعموم الشمولي وضعا نظر فإن بني البدلي على احتمال سلب العموم فلا يسلم أنه يقتضيه مع أن قضية هذا البناء حينئذ أن يكون الظاهر البدلي ؛ لأن سلب العموم هو الأكثر كما تقدم لا الشمولي كما قال ا هـ سم . ( قوله وأما إذا وطئ إلخ ) من تتمة التوجيه ا هـ ع ش . ( قوله حتى تتعدد الكفارة ) تفريع على المنفي . ( قوله يعارضه ) أي تعدد الكفارة . ( قوله في الأولى ) أي صورة لا أطأ واحدة منكن وقوله في الثانية أي صورة المتن ا هـ كردي




                                                                                                                              الخدمات العلمية