الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ولما ذكروا حكم الإعتاق عن الكفارة بعوض استطردوا ذكر حكمه في غيرها وتبعهم كأصله فقال ( والإعتاق بمال كطلاق به ) فيكون معاوضة فيها شوب تعليق من المالك وشوب جعالة من الملتمس ويجب الفور في الجواب وإلا عتق على المالك مجانا ( فلو قال ) لغيره ( أعتق أم ولدك على ألف ) ولم يقل عني سواء أقال عنك أو أطلق ( فأعتق ) ها فورا ( نفذ ) عتقه ( ولزمه ) أي الملتمس ( العوض ) ؛ لأنه اقتداء من جهته كاختلاع الأجنبي أما إذا قال عني فأعتقها عنه فتعتق ولا عوض لاستحالته [ ص: 195 ] بخلاف طلق زوجتك عني ؛ لأنه لا يتخيل فيه انتقال شيء إليه ( وكذا لو قال أعتق عبدك على كذا ) ولم يقل عني سواء أقال عنك أم أطلق ( فأعتق ) فورا فينفذ العتق جزما ويستحق المالك الألف ( في الأصح ) ؛ لأنه منه اقتداء كأم الولد ( فإن قال أعتقه عني على كذا ) أو أطعم ستين مسكينا ستين مدا عني بكذا أو اكس عشرة كذا عني بكذا كما في الكافي فيهما ( ففعل ) فورا ( عتق عن الطالب ) وأجزأه عن كفارة عليه نواها به لتضمن ما ذكر للبيع لتوقف العتق عنه على ملكه له فكأنه قال بعنيه بكذا وأعتقه عني فقال بعتك وأعتقته عنك ( وعليه العوض ) المسمى إن ملكه وإلا فقيمة العبد كالخلع فإن قال مجانا لم يلزمه شيء بخلاف ما إذا سكتا عن العوض فإن المعتمد [ ص: 196 ] أنه إن قال عن كفارتي أو عني وعليه عتق ولم يقصد المعتق العتق عنه يلزمه قيمته كما لو قال له اقض ديني وإلا فلا ، نعم لو قال ذلك لمالك بعضه عتق عنه بالعوض ولا يجزئه عنها ؛ لأنه بملكه له استحق العتق بالقرابة ( والأصح أنه ) أي الطالب ( يملكه ) أي القن المطلوب إعتاقه ( عقب لفظ الإعتاق ) الواقع بعد الاستدعاء ؛ لأنه الناقل للملك ( ثم ) عقب ذلك ( يعتق عليه ) أي الطالب في زمنين لطيفين متصلين بلفظ الإعتاق لاستدعاء عتقه عنه ذلك إذ الشرط يترتب على المشروط لكن صحح في الروضة في موضع أنه معه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              . ( قوله وإلا ) [ ص: 195 ] أي وإن لم يجب الفور عتق على المالك مجانا هو شامل لنحو أعتق عبدك على ألف فأجابه لا على الفور وهو ظاهر ولنحو أعتقت عبدي على ألف عليك فلم يجبه على الفور فليراجع ا هـ . ( قوله أطعم ستين مسكينا إلخ ) عطفه على المتن ولم يبين حكمه كما بين المتن حكم ما ذكره بقوله عتق عن الطالب إلخ . ( قوله فقيمة العبد ) [ ص: 196 ] مفهومه أنه لا يلزمه قيمة الإمداد والكسوة لعدم صحة المعاوضة وحصول الملك وهو ظاهر ( قوله إن قال عن كفارتي ) أي أو نوى ذلك كما يستفاد من شرح الروض ( قوله العتق عنه ) أي عن المعتق ( قوله نعم لو قال ذلك ) اسم الإشارة راجع للمتن كما هو ظاهر وقوله لمالك بعضه أي بعض القائل . ( قوله أنه معه ) وهذا يوافق [ ص: 197 ] القول بأن العلة مع المعلول زمنا



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله ذكر حكمه ) أي الإعتاق بعوض ( قوله وإلا ) أي وإن لم يجب على الفور عتق على المالك مجانا هو شامل لنحو أعتق عبدك على ألف فأجابه لا على الفور وهو ظاهر ولنحو أعتقت عبدي على ألف عليك فلم يجبه على الفور فليراجع سم على حج أقول القياس في الثانية عدم الإعتاق ؛ لأن المانع ليس من جهة المالك فلم يعتد بما فعله ا هـ ع ش عبارة السيد عمر بعد أن ذكر عبارة سم المذكورة القول بالعتق حينئذ أي في الصورة الثانية بعيد جدا نعم قد يقال فيما لو نوى أي في الصورة الأولى العوض هل يعتق باطنا أو لا ، يتأمل ا هـ أقول ويصرح بعدم الإعتاق في الثانية قول الروض مع شرحه ويشترط في صورة الاستدعاء لوقوع العتق عن المستدعي ولزوم العوض الجواب له فورا وإلا إلخ حيث خصا الكلام بجواب المالك . ( قوله عتقه ) أي إعتاقه ا هـ مغني . ( قوله أما إذا قال ) أي الملتمس وقوله فأعتقها عنه أي أعتق المالك أم ولده عن الملتمس وقوله لاستحالته أي عتقها عن الملتمس ا هـ [ ص: 195 ] ع ش ( قوله بخلاف طلق زوجتك عني إلخ ) عبارة المغني بخلاف ما لو قال طلق زوجتك عني على كذا فطلق حيث يلزمه العوض ؛ لأنه لا يتخيل في الطلاق انتقال شيء إليه بخلاف المستولدة فقد يتخيل جواز انتقالها إليه ا هـ وعبارة الروض مع شرحه فلو قال له أعتق مستولدتك عنك أو طلق امرأتك بألف ففعل صح ولزمه الألف فإن قال فيهما عني وجب مع الصحة العوض في الزوجة ؛ لأنه افتداء ولغا قوله عني لا في المستولدة ؛ لأنه التزم العوض على أن يكون عتقها عنه وهو ممتنع ؛ لأنها لم تنتقل من شخص إلى شخص وفارقت الزوجة بأنه يتخيل فيها أي المستولدة انتقال العتق أو الولاء ولم يحصل ا هـ وعلم بذلك عدم صحة قول ع ش قوله بخلاف طلق زوجتك إلخ أي فلا يقع الطلاق ا هـ . ( قوله : لأنه لا يتخيل فيه إلخ ) علة لمحذوف ، عبارة المغني كما مر فطلق حيث يلزمه العوض ؛ لأنه لا يتخيل في الطلاق إلخ ( قول المتن على كذا ) أي كألف نهاية ومغني وكان ينبغي للشارح أن يذكره هنا أيضا ليظهر قوله الآتي ويستحق المالك الألف ( قول المتن في الأصح ) .

                                                                                                                              تنبيه

                                                                                                                              أشعر قوله على كذا أنه لا يشترط كون العوض مالا فلو قال على خمر أو مغصوب مثلا نفذ ولزمه قيمة العبد في الأصح ولو ظهر بالعبد عيب بعد عتقه لم يبطل عتقه بل يرجع المستدعي العتق بأرش العيب ثم إن كان عيبا يمنع الإجزاء في الكفارة لم تسقط به ولا فرق في نفوذ العتق بالعوض بين كون الرقيق مستأجرا أو مغصوبا لا يقدر على انتزاعه مغني ونهاية وروض مع شرحه قال ع ش قوله لم تسقط به أي ونفذ العتق عن المستدعي مجانا ا هـ . ( قوله أو أطعم إلخ ) عطفه على المتن ولم يبين حكمه كما بين المتن حكم ما ذكره بقوله عتق عن الطالب إلخ ا هـ سم أقول لم يصرح بحكمه اتكالا على انفهامه مما في المتن . ( قوله فيهما ) أي في التماس الإطعام والإكساء . ( قوله ففعل فورا ) ولم يكن ممن يعتق على الطالب فإن طال الفصل عتق عن المالك ولا شيء على الطالب فإن كان الطالب ممن يعتق عليه العبد لم يعتق عليه ؛ لأنه لو كان أجنبيا لملكناه إياه وجعلنا المسئول نائبا في الإعتاق والمالك والملك في مسألتنا يوجب العتق فالتوكيل بعده بالإعتاق لا يصح ويصير دورا قاله القاضي حسين في فتاويه ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله إن ملكه ) أي العوض بأن كان ماله ع ش ومغني . ( قوله وإلا ) أي بأن كان مغصوبا أو نحو خمر ا هـ ع ش . ( قوله فقيمة العبد ) أي والإمداد والكسوة كما هو قضية قول الشارح المار أو أطعم ستين إلخ وسكت عن التصريح به لانفهامه بالمقايسة على ما في المتن عبارة النهاية والمغني ولو قال لغيره أطعم ستين مسكينا كل مسكين مدا من حنطة عن كفارتي أو نواها بقلبه ففعل أجزأه في الأصح ولا يختص بالمجلس والكسوة قبل الإطعام كما قاله الخوارزمي ا هـ قال ع ش قوله أجزأه في الأصح أي ولزمه المسمى إن ذكر وإلا فبدل الإمداد كما لو قال اقض عني ديني ففعل وقوله ولا يختص بالمجلس أي الإطعام هذا قد يشكل بما مر من عدم إعتاقه عن الطالب فيما لو قال أعتق عبدك على كذا فلم يجبه فورا إلا أن يقال إن الإطعام يشبه الإباحة فاغتفر فيه عدم الفور والإعتاق عن الغير يستدعي حصول الولاء له فاعتبرت فيه شروط البيع ليمكن الملك فيه وقوله والكسوة مثل الإطعام هذا مخالف لما قدمه في أول البيع من أن البيع الضمني لا يأتي في غير الإعتاق وقد يجاب بما مر من أن الإطعام كالإباحة ا هـ وبذلك يسقط ما في سم والسيد عمر عبارة الثاني قوله فقيمة العبد كالخلع مفهومه أنه لا يلزمه قيمة الإمداد والكسوة لعدم صحة المعاوضة وحصول الملك وهو ظاهر ابن قاسم وقد يقال إذا لم يحصل الملك فكيف يقع عنه اللهم إلا أن يقال لا يقع فيهما وهو الظاهر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فإن قال إلخ ) أي الطالب وكذا لو قاله المعتق روض ومغني ويفيده أيضا قول الشارح بخلاف ما إذا سكتا إلخ وقوله وإلا فلا . ( قوله بخلاف ما إذا سكتا عن العوض إلخ ) عبارة المغني وإن لم يشرط عوضا ولا نفاه بأن قال أعتقه عن كفارتي وسكت عن العوض لزمه قيمة العبد كما لو قال له اقض ديني وإن قال أعتقه عني ولا عتق عليه فالذي يقتضيه نص الشافعي في الأم وإيراد الجمهور هنا أنه لا تلزمه قيمة العبد وأن ذلك هبة مقبوضة ا هـ . ( قوله [ ص: 196 ] إن قال عن كفارتي إلخ ) أي أو نوى ذلك كما يستفاد من شرح الروض ا هـ سم . ( قوله العتق عنه ) أي عن نفس المعتق . ( قوله وإلا ) أي بأن لم يقل ذلك أو لم يكن عليه عتق أو قصد العتق عن نفسه ا هـ كردي .

                                                                                                                              ( قوله لو قال ) أي الطالب ذلك أي أعتقه عني على كذا وقوله لمالك بعضه أي بعض القائل من أصل أو فرع سم و ع ش . ( قوله عتق عنه بالعوض ) خلافا للمغني كما مر . ( قوله أي الطالب ) إلى قول المتن ومن ملك في المغني وكذا في النهاية إلا قوله لكن إلى المتن . ( قوله : لأنه ) أي لفظ الإعتاق . ( قوله ثم عقب ذلك ) أي الملك وأشار بزيادة عقب إلى أن ثم لمجرد الترتيب . ( قوله في زمنين ) متعلق بمحذوف ، عبارة النهاية والمغني فيقعان في زمنين إلخ . ( قوله عنه ) أي الطالب وقوله ذلك أي تقدم الملك . ( قوله إذ الشرط ) المراد به العتق وبالمشروط الملك فالصواب عليه المشروط أو يقول إذ المشروط يترتب على الشرط عبارة شرح الروض فإذا وجد أي الملك ترتب العتق عليه ا هـ . ( قوله لكن صحح في الروضة إلخ ) وهذا يوافق القول بأن العلة مع المعلول زمنا ا هـ سم عبارة السيد عمر ينبغي أن يكون هذا هو الحقيق بالاعتماد ا هـ . ( قوله أنه معه ) أي يحصل الملك والعتق معا بعد تمام اللفظ بناء على أن الشرط مع المشروط يقعان معا ا هـ مغني .




                                                                                                                              الخدمات العلمية