الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإن أبى ) بعد ترافعهما إلى القاضي فلا يكفي ثبوت إبائه مع غيبته عن مجلسه إلا إذا تعذر إحضاره لتواريه أو تعززه ( الفيئة والطلاق فالأظهر أن القاضي يطلق عليه ) بسؤالها ( طلقة ) وإن بانت بها لعدم دخول أو استيفاء ثلاث بأن يقول أوقعت عليها طلقة عنه أو طلقتها عنه أو أنت طالق عنه فإن حذف عنه لم يقع شيء وذلك ؛ لأنه لا سبيل لدوام إضرارها ولا لإجباره على الفيئة مع قبول الطلاق للنيابة فناب الحاكم عنه [ ص: 176 ] كما يزوج عن العاضل وخرج بطلقة ما زاد عليها فلا يقع كما لو بان أنه طلق أو فاء فإن بانا معا وقعا لإمكانهما بخلاف بيع غائب بانت مقارنته لبيع الحاكم عنه لتعذر تصحيحهما فقدم الأقوى ( و ) الأظهر ( أنه لا يمهل ) للفيئة بالفعل فيما إذا استمهل لها ( ثلاثة ) من الأيام لزيادة إضرارها أما للفيئة باللسان فلا يمهل قطعا كالزيادة على الثلاث وأما ما دونها فيمهل له لكن بقدر ما ينتهي فيه مانعه كوقت الفطر للصائم والشبع للجائع والخفة للممتلئ وقدر بيوم فأقل ( و ) الأظهر ( أنه إذا وطئ بعد مطالبة ) أو قبلها بالأولى ( لزمه كفارة يمين ) إن كان حلفه بالله تعالى لحنثه والمغفرة والرحمة في الآية لما عصى به من الإيلاء فلا ينفيان الكفارة المستقر وجوبها في كل حنث أما إذا حلف بالتزام ما يلزم فإن كان بقربة تخيير بين ما التزمه وكفارة يمين أو بتعليق نحو طلاق وقع بوجود الصفة .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله في المتن وإن أبى الفيئة والطلاق إلخ ) قد يفهم من هذا الكلام وما تقدم أنه حيث طلب منه الطلاق فطلق ولو رجعيا يخلص مطلقا من الإيلاء وليس مرادا ففي الروض وشرحه أوائل الباب فيما لو قال إن وطئتك فعبدي حر قبله بشهر إلخ ما نصه وإن طلق حين طولب بالفيئة أو الطلاق ثم راجع أي أعاد مطلقته ضربت المدة ثانيا إلا إن بانت منه فجدد نكاحها فلا تضرب المدة بناء على عدم عود الحنث ا هـ وفيهما أيضا هنا ما نصه : وتنقطع المدة بطريان ذلك أي كل من الطلاق والردة وتستأنف في صورة الطلاق ولو طلق بعد المطالبة يعني بعد المدة بمطالبة أو بدونها برجعة أي تستأنف المدة بالرجعة ؛ لأن الإضرار إنما يحصل بالامتناع المتوالي في نكاح صحيح سليم ا هـ وفيها قبل هذا أيضا فرع : لو قال والله لا وطئتك خمسة أشهر فإن مضت فوالله لا وطئتك ستة فهما إيلاءان إلى أن قال فإن طلق ثم راجع والباقي من المدة أكثر من أربعة أشهر عاد الإيلاء وإلا فلا ا هـ والموضعان السابقان شاملان للإيلاء المقيد بمدة والمطلق وهو ظاهر ؛ لأن اليمين لا تنحل بالطلاق فليراجع ما نقل عن بعضهم من خلاف ذلك في المطلق . ( قوله فلا يكفي ثبوت إبائه مع غيبته ) أي وبعد ثبوت إبائه في حضرته لا يشترط أن يقع الطلاق في حضرته كما في الروض . ( قوله لتواريه أو تعززه ) هلا زاد أو لغيبته غيبة تسوغ الحكم على الغائب . ( قوله فإن حذف عنه ) كذا م ر ش ( قوله لم يقع شيء ) ظاهره وإن نوى عنه . ( قوله لتعذر تصحيحهما ) هذا ظاهر في اتحاد المبيع والله أعلم



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن وإن أبى الفيئة والطلاق إلخ ) قد يفهم من هذا الكلام وما تقدم أنه حيث طلب منه الطلاق فطلق ولو رجعيا تخلص مطلقا من الإيلاء وليس مرادا ففي الروض وشرحه أوائل الباب ما نصه : وإن طلق حين طولب بالفيئة أو الطلاق ثم راجع أي أعاد مطلقته ضربت المدة ثانيا إلا إن بانت فجدد نكاحها فلا تضرب ا هـ وفيهما أيضا هنا نظير ما تقدم في أوائل الفصل وفيهما قبل هذا أيضا ما نصه : فإن طلق ثم راجع والباقي من المدة أكثر من أربعة أشهر عاد الإيلاء وإلا فلا ا هـ والموضعان السابقان شاملان للإيلاء المقيد بمدة والمطلق وهو ظاهر ؛ لأن اليمين لا تنحل بالطلاق فليراجع ما نقل عن بعضهم من خلاف ذلك في المطلق ا هـ سم بحذف . ( قوله فلا يكفي ثبوت إبائه إلخ ) أي وبعد ثبوت إبائه في حضرته لا يشترط أن يقع الطلاق في حضرته كما في الروض أي والمغني ا هـ سم . ( قوله لتواريه أو تعزره ) هلا زادوا أو لغيبته غيبة تسوغ الحكم على الغائب سم على حج وقد يقال إنما لم يزيدوه لعذره في غيبته فلم يحكم عليه بالطلاق بخلاف المتواري أو المتعزز فإنه مقصر بتواريه أو تعززه فغلظ عليه ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله لم يقع شيء ) ظاهره وإن نوى عنه سم على حج ا هـ ع ش . ( قوله ولا لإجباره على الفيئة ) أي ؛ لأنها لا تدخل [ ص: 176 ] تحت الإجبار ا هـ مغني . ( قوله فلا يقع ) ظاهر العبارة أن الذي لا يقع هو الزائد فقط وأصرح منه في ذلك قول الروض أي والمغني لم يقع الزائد ا هـ فالتشبيه في قوله كما لو بان أنه طلق إلخ غير تام إذ لا وقوع في المشبه به أصلا ا هـ رشيدي . ( قوله كما لو بان أنه طلق إلخ ) فإن طلقها أي القاضي ثم طلقها الزوج نفذ تطليقه كما اقتضاه كلام الروضة ونفذ تطليق الزوج أيضا وإن لم يعلم طلاق القاضي كما صححه ابن القطان ا هـ نهاية زاد المغني ولو آلى من إحداهما وأبى الفيئة والطلاق طلق القاضي مبهما ثم يبين الزوج إن عين ويعين إن أبهم ا هـ قال الرشيدي قوله ونفذ تطليق الزوج إلخ أخذ منه أن طلاق القاضي يقع رجعيا وقد تقدم في كلامه عند قول المصنف وفي رجعية من الرجعة ما يعلم منه أن الزوج لو راجعها عاد حكم الإيلاء ا هـ وتقدم عن المغني والروض ما يصرح به ( قوله فإن بانا ) أي طلاق المولي وطلاق القاضي . ( قوله لتعذر تصحيحهما ) هذا ظاهر في اتحاد المبيع ا هـ سم . ( قوله للفيئة بالفعل ) عبارة المغني ليفيء أو يطلق فيها

                                                                                                                              ( تنبيه )

                                                                                                                              أفهم كلامه أنه لا يزاد على ثلاثة قطعا وهو كذلك وجواز إمهاله دون ثلاث وليس على إطلاقه بل إذا استمهل بشغل أمهل بقدر ما يتهيأ لذلك الشغل فإن كان صائما أمهل حتى يفطر أو جائعا فحتى يشبع أو ثقيلا من الشبع فحتى يخف أو غلبه النعاس فحتى يزول قالا والاستعداد في مثل هذه الأحوال بقدر يوم فما دونه ولو راجع المولي بعد تطليق القاضي وقد بقي مدة الإيلاء ضربت مدة أخرى ولو بانت فتزوجها لم يعد الإيلاء فلا تطالب ا هـ . ( قوله بالفعل ) تقييد لمحل الخلاف وسيذكر محترزه . ( قوله فيمهل له ) أي للفيئة بالفعل . ( قوله وقدر ) أي حصول الخفة للممتلئ . ( قوله والمغفرة إلخ ) رد لدليل مقابل الأظهر . ( قوله بقربة ) أي كصلاة وصوم وحج وعتق . ( قوله نحو طلاق ) ومنه العتق ا هـ ع ش . ( قوله وقع بوجود الصفة )



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              خاتمة

                                                                                                                              لو اختلف الزوجان في الإيلاء أو في انقضاء مدته بأن ادعته عليه فأنكر صدق بيمينه ؛ لأن الأصل عدمه ولو اعترفت بالوطء بعد المدة وأنكره أي أو لم ينكر سقط حقها من الطلب عملا باعترافها ولم يقبل رجوعها عنه لاعترافها بوصول حقها إليها ولو كرر يمين الإيلاء مرتين فأكثر وأراد بغير الأولى التأكيد لها ولو تعدد المجلس وطال الفصل صدق بيمينه كنظيره في تعليق الطلاق وفرق بينهما وبين تنجيز الطلاق بأن التنجيز إنشاء والإيلاء والتعليق متعلقان بأمر مستقبل فالتأكيد بهما أليق أو أراد الاستئناف تعددت الأيمان وإن أطلق بأن لم يرد تأكيدا ولا استئنافا فواحدة إن اتحد المجلس حملا على التأكيد وإلا تعددت لبعد التأكيد مع اختلاف [ ص: 177 ] المجلس ونظيرهما جار في تعليق الطلاق وكذا الحكم لو حلف يمينا سنة ويمينا سنتين مثلا وعند الحكم بتعدد اليمين يكفيه لانحلالها وطء واحد ويتخلص بالطلاق عن الإيمان كلها ويكفيه كفارة واحدة كما علم مما مر مغني ونهاية وروض مع شرحه قال ع ش قوله ولو كرر يمين الإيلاء أي وإن كان يمينه بالطلاق وقوله وعند الحكم بتعدد اليمين إلخ يتأمل وجه انحلالها وأي فرق حينئذ بين التعدد وعدمه ولعله أنه عند عدم التعدد تكفيه كفارة واحدة وعند التعدد تجب كفارات بعدد الأيمان بالوطأة الواحدة ولا يجب شيء بما زاد عليها ا هـ أقول فهذا خلاف صريح قولهما ويكفيه كفارة واحدة




                                                                                                                              الخدمات العلمية