الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو داوى جرحه بسم مذفف ) أي قاتل سريعا ( فلا قصاص ) ولا دية ( على جارحه ) في النفس ؛ لأنه قاتل نفسه وإن لم يعلم حال السم بل في الجرح إن أوجبه وإلا فالمال ( وإن لم يقتل ) السم الذي داواه به ( غالبا ) أو لم يعلم وإن قتل غالبا ( فشبه عمد ) فعله فلا قود على جارحه في النفس أيضا بل عليه نصف الدية المغلظة مع ما أوجبه الجرح ( وإن قتل ) السم ( غالبا وعلم ف ) الجارح ( شريك جارح نفسه ) فعليه القود في الأظهر ( وقيل هو شريك مخطئ ) ؛ لأن الإنسان لا يقصد قتل نفس وخرج بقوله داوى جرحه ما لو داواه آخر غير الجارح فإن كان بموح وعلمه قتل الثاني أو بما يقتل غالبا وعلم ومات بهما قتلا وإلا فدية شبه العمد وفي فتاوى ابن الصلاح فيمن جاء لامرأة لتداوي عينه فأكحلته فذهبت عينه إن ثبت ذهاب عينه بمداواتها ضمنتها عاقلتها فبيت المال فهي ومحله إن لم يأذن لها في مداواته بهذا الدواء المعين ؛ لأن إذنه في مطلق المداواة لا يتناول ما يكون سببا في إتلافه وإلا لم تضمن كما لو قطع سلعة مكلف بإذنه انتهى وبه يعلم أنه متى لم ينص المريض على دواء معين ضمنته عاقلة الطبيب فبيت المال فهو ومتى نص على ذلك كان هدرا وسيأتي قبيل مبحث الختان في ذلك ما يتعين مراجعته ومن الدواء ما لو خاط المجروح جرحه لكنه إن خاط في لحم حي وهو يقتل غالبا فالقود فإن آل الأمر للمال [ ص: 410 ] فنصف الدية وإن خاطه ولي للمصلحة فلا قود عليه كما رجحه المصنف ولا على الجارح على ما جزم به بعضهم ورد بأن كلام الشيخين يقتضي وجوبه عليه والكي كالخياطة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وإلا فدية شبه العمد ) أي نصفها على المداوي ( قوله : ما لو خاط إلخ ) قال في الروض فإن خاط غيره بلا أمر اقتص منه ومن الجارح وإن كان إماما لا إن خاطه الإمام لصبي أو مجنون بل تجب دية مغلظة على عاقلته نصفها ونصفها في مال الجارح انتهى ( قوله : لكن إن خاط في لحم حي ) وإن قصد المجروح أو غيره الخياطة في لحم ميت فوقع في لحم حي أو في الجلد فوقع في اللحم فالجارح شريك مخطئ شرح الروض ( قوله : فالقود ) أي على الجارح [ ص: 410 ] قوله : وإن خاطه ولي ) عبر في الروض بالإمام ( قوله : أيضا وإن خاطه ولي للمصلحة إلخ ) بخلاف غير الولي والولي لغير المصلحة فيجب القود ( قوله : فلا قود عليه ) قال في الروض بل تجب الدية مغلظة على عاقلته نصفها ونصفها في مال الجارح قال في شرحه ولا قصاص عليه ( قوله : ما جزم به بعضهم ) جزم به في شرح الروض .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن : ولو داوى ) أي المجروح ، ولو بنائبه جرحه بسم كأن شربه أو وضعه على الجرح مغني .

                                                                                                                              ( قوله أي قاتل سريعا ) إلى قوله وإلا فدية شبه العمد في المغني إلا قوله بموح إلى بما يقتل وإلى الفرع في النهاية إلا قوله وسيأتي إلى ومن الدواء وقوله على ما جزم إلى والكي ( قوله : وإن لم يعلم إلخ ) غاية وقوله إن أوجبه أي جرحه القصاص ع ش ( قوله : إن أوجبه وإلا إلخ ) هذا بالنظر لما في المتن خاصة مع قطع النظر عما زاده بقوله ولا دية ، أما مع النظر إليه فكان المناسب أن يقتصر على قوله إن أوجب ذلك رشيدي ( قوله أو لم يعلم إلخ ) وخالفت هذه ما قبلها فإنه في المذفف الذي يقتل سريعا وهذه في غيره وإن قتل غالبا ع ش ( قوله : فعله ) أي تداوى المجروح ( قوله : مع ما أوجبه إلخ ) عبارة المغني أو القصاص في الطرف إن اقتضاه الجرح ا هـ وعبارة الأسنى ، وإنما عليه موجب جرحه من قصاص وغيره ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لا يقصد ) أي بالتداوي ( قوله ما لو داواه آخر ) أي بلا أمر منه مغني عبارة ع ش أي ، ولو بإذنه حيث لم يعين له الدواء أخذا مما يأتي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بموح ) بضم الميم وفتح الواو وتشديد المهملة أي مسرع للموت ع ش و رشيدي ( قوله غير الجارح ) انظر حكم ما لو كان المداوي هو الجارح رشيدي ويظهر أخذا من كلامهم أنه لا فرق إلا فيما إذا كان بما يقتل غالبا ولم يعلم فيقتل هنا كما في الصورتين الأوليين فليراجع ( قوله : قتل الثاني ) أي المداوي ( قوله : أو بما يقتل غالبا ) أي وليس موحيا ( قوله وإلا ) أي وإن انتفى غلبة القتل أو العلم بها .

                                                                                                                              ( قوله : فدية شبه العمد ) أي نصفها على المداوي سم أي وعلى الجارح نصف الدية المغلظة أو القصاص في الطرف إن اقتضاه الجرح ( قوله : وفي فتاوى ابن الصلاح إلخ ) فائدة مجردة يؤخذ منها تقييد لما مر رشيدي ( قوله : ضمنتها ) أي العين عاقلتها إلخ أي عاقلة المرأة إن وجدت وإلا فبيت المال إن انتظم ولم يمتنع متوليه من الأداء وإلا فالمرأة ( قوله : ومحله ) أي الضمان ( قوله : لأن إذنه إلخ ) علة لاعتبار تعيين الدواء ( قوله : ما يكون إلخ ) أي دواء يكون إلخ ( قوله : في إتلافه ) أي الآذن أي عينه ( قوله : على دواء معين ) أي بشخصه ( قوله : ومن الدواء ) إلى الفرع في المغني إلا قوله على ما جزم إلى والكي وقوله والضرب الخفيف إلى المتن ( قوله : ما لو خاط المجروح إلخ ) عبارة المغني والروض مع الأسنى ، ولو خاط المجروح جرحه في لحم حي ، ولو تداويا خياطة تقتل غالبا فكشريك قاتل نفسه في الأصح بخلاف ما لو خاطه في لحم ميت فإنه لا أثر له ولا للجلد كما فهم بالأولى لعدم الإيلام المهلك فعلى الجارح القصاص أو كمال الدية ، ولو خاطه غيره بلا أمر منه اقتص منه ومن الجارح وإن كان الغير إماما لتعديه مع الجارح فإن خاطه الإمام لصبي أو مجنون لمصلحة فلا قصاص عليه بل يجب دية مغلظة على عاقلته نصفها ونصفها الآخر في مال الجارح ولا قصاص عليه ، ولو قصد المجروح أو غيره الخياطة في لحم ميت فوقع في لحم حي فالجارح شريك مخطئ ، وكذا لو قصد الخياطة في الجلد فوقع في اللحم والكي فيما ذكر كالخياطة فيه ولا أثر لدواء لا يضر ولا اعتبار بما على المجروح من قروح ولا بما له من مرض وضنى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : جرحه ) أي جرح نفسه الذي جرحه الغير رشيدي ( قوله : وهو يقتل غالبا ) أي وعلم أنه يقتل غالبا كما في مسألة المداواة بالسم كما أشار إليه في أصل الروضة فإنه حينئذ شريك جارح نفسه فعليه القود بخلاف ما إذا لم يعلمه فإنه شريك صاحب شبه العمد فلا قود سيد عمر ( قوله فالقود ) أي [ ص: 410 ] على الجارح سم ورشيدي ( قوله : فنصف الدية ) أي على الجارح ( قوله : وإن خاطه ولي إلخ ) أي بنفسه أو ما دونه ع ش ( قوله : ولي للمصلحة إلخ ) بخلاف غير الولي والولي لغير المصلحة فيجب القود سم ( قوله فلا قود عليه ) قال في الروض بل تجب دية مغلظة على عاقلته نصفها ونصفها في مال الجارح انتهى سم ( قوله على ما جزم إلخ ) عبارة النهاية كما اقتضاه كلامهما ا هـ وعبارة سم قوله : على ما جزم به بعضهم جزم به في شرح الروض ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية