الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( أو ) قطع ( يديه ورجليه ) فمات ( وزعم ) الجاني ( سراية ) للنفس ، أو أنه قتله قبل الاندمال حتى تجب دية واحدة ( والولي اندمالا ممكنا ) قبل موته ( أو سببا ) آخر للموت وقد عينه ولم يمكن اندمال ، أو أبهمه وأمكن اندمال حتى تجب ديتان ( فالأصح تصديق الولي ) بيمينه لوجوبهما بالقطع والأصل عدم سقوطهما أما لو لم يمكن اندمال لقصر زمنه كيومين فيصدق الجاني بلا يمين نعم [ ص: 431 ] فيما إذا أبهم السبب ، ولم يمكن اندمال وادعى الجاني أنه قتله لا بد من يمينه على الأوجه ؛ لأن الأصل عدم حدوث فعل منه يقطع فعله بخلاف دعوى السراية ؛ لأنها الأصل فلم يحتج ليمين كما تقرر ( وكذا لو قطع يده ) ومات ( وزعم ) الجاني ( سببا ) آخر لموته غير السراية ولم يمكن اندمال سواء أعين السبب أم أبهمه حتى يلزمه نصف دية ( و ) زعم ( الولي سراية ) حتى تجب كل الدية فالأصح تصديق الولي ؛ لأن الأصل استمرار السراية واستشكل هذا بالذي قبله مع أن الأصل في كل عدم وجود سبب آخر [ ص: 432 ] ويجاب بأن السراية التي هي الأصل تارة يعارضها ما هو أقوى منها فيقدم عليها ، وهو ما مر ؛ لأن إيجاب قطع الأربع للديتين محقق وشك في مسقطه فلم يسقط وتارة لا يعارضها ذلك فتقدم هي ، وهو ما هنا ومن ثم لو قال الجاني مات بعد الاندمال وأمكن صدق لضعف السراية مع إمكان الاندمال بخلافه ما إذا لم يمكن يصدق الولي أي بلا يمين على الأوجه نظير ما مر ثم رأيت بعضهم أجاب بنحو ما ذكرته .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله نعم فيما إذا أبهم السبب إلخ ) عبارة الروض وشرحه وإلا أي وإن لم يعينه حلف الجاني أنه مات بالسراية ، أو بقتله إن لم يمكن الاندمال في دعوى السراية ، وإن أمكن حلف الولي أنه مات بسبب آخر وذكر حلف الجاني من زيادته ، وهو ظاهر في [ ص: 431 ] دعوى قتله أما دعوى السراية فالظاهر أنه لا يحلف كنظيره في المسألة السابقة . ا هـ وأراد بالمسألة السابقة ما لو قطع يديه ورجليه فمات وزعم سراية والولي اندمالا غير ممكن وقوله فالظاهر إلخ نازعه فيه الشارح في شرح الإرشاد فقال وقد يتوقف فيما قاله والفرق بين الصورتين واضح فإن دعوى الولي هنا مستحيلة فلا يحتاج للحلف في مقابلتها ، وثم ممكنة فإنه يدعي سببا آخر ممكن الوقوع فلا بد من حلف بنفيه ، وكون إهماله السبب يحتمل أنه يريد به السراية لا أثر له فإنه كما يحتملها يحتمل غيرها . ا هـ وبذلك يعلم أنه هنا موافق له على الظاهر المذكور ( قوله فيما إذا أبهم ) أي الولي ( قوله : ولم يمكن اندمال ) قضيته أنه لو أمكن الاندمال اختلف الحكم هنا ، وعبارة شرح الروض قد تقتضي خلاف ذلك فليحرر ( قوله أيضا ولم يمكن اندمال ) فإن أمكن فسيأتي ( قوله واستشكل هذا ) أي تصديق الولي أنه بالسراية ( قوله بالذي قبله ) ، وهو ما لو قطع يديه ورجليه فمات وادعى أنه مات بالسراية وادعى الولي أنه مات بسبب آخر بشرطه السابق مع أن الأصل عدم وجود سبب آخر شارح الروض ( قوله بالذي قبله ) حيث صدق الولي أنه بسبب آخر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله أو أنه ) أي الجاني ( قول المتن والولي ) أي وزعم الولي ( قوله وقد عينه ) كقوله قتل نفسه أو قتله آخر مغني ( قوله ولم يمكن اندمال ) أي ولم يقم بينة على السبب ع ش ( قوله وأمكن اندمال ) ظاهره سواء ادعى الجاني السراية أو أنه قتله وفي الأسنى والمغني خلافه عبارة الثاني أما إذا لم يعين الولي السبب فينظر إن أمكن الاندمال صدق الولي بيمينه أنه بسبب آخر ، وهو كما قال شيخنا ظاهر في دعوى قتله أما في دعوى السراية فيصدق بلا يمين كنظيره في المسألة السابقة . ا هـ يعني تصديق الجاني بلا يمين فيما إذا ادعى السراية والولي اندمالا غير ممكن ( قوله أما لو لم يمكن إلخ ) محترز قول المتن ممكنا وقول الشارح وأمكن اندمال .

                                                                                                                              ( قوله نعم إلخ ) استدراك على قوله فيصدق الجاني بلا يمين أي في أربع صور حاصلة من ضرب [ ص: 431 ] صورتي ادعاء الولي اندمالا غير ممكن وادعائه سببا مبهما ولم يمكن اندمال في صورتي ادعاء الجاني سراية وادعاء قتله قبل الاندمال ( قوله إذا أبهم ) أي الولي سم ( قوله : ولم يمكن اندمال ) قضيته أنه لو أمن الاندمال اختلف الحكم هنا ، وعبارة شرح الروض قد تقتضي خلاف ذلك فليحرر سم وقد قدمنا عبارة المغني الموافقة لما في شرح الروض ( قوله أنه قتله ) أي قبل الاندمال ( قوله بخلاف دعوى السراية إلخ ) اعلم أن حاصل قوله وزعم الجاني إلى قوله أما لو لم يمكن إلخ أن الجاني إما يدعي السراية ، أو قتله قبل الاندمال صورتان وإن الولي إما يدعي اندمالا ممكنا ، أو سببا معينا أمكن الاندمال أم لا أو سببا مبهما والاندمال ممكن أربع صور يحصل من ضربها في صورتي الجاني المذكورتين ثمانية صور يصدق فيها الولي بيمينه وأن حاصل قوله أما لو لم يمكن إلى المتن أن الولي إما يدعي اندمالا غير ممكن ، أو سببا مبهما والاندمال غير ممكن صورتان يحصل من ضربهما في صورتي الجاني المارتين أربع صور يصدق الجاني في كل منهما بلا يمين إلا في واحدة يصدق فيها بيمين وهي ما إذا ادعى الجاني قتله بعد الاندمال والولي سببا مبهما والاندمال غير ممكن .

                                                                                                                              ( قوله كما تقرر ) ، ولو قال الولي للجاني أنت قتلته بعد الاندمال فعليك ثلاث ديات وقال الجاني بل قبل الاندمال فعلي دية وأمكن الاندمال حلف كل منهما على ما ادعاه وسقطت الثالثة بحلف الجاني فحلفه أفاد سقوطها وحلف الولي أفاد دفع النقص عن ديتين فلا يوجب زيادة فإن لم يمكن الاندمال حلف الجاني عملا بالظاهر مغني وروض مع الأسنى ( قول المتن وكذا لو قطع يده إلخ ) ، ولو عاد الجاني بعد قطع يده فقتله وادعى أنه قتله قبل الاندمال حتى تلزمه دية وادعى الولي أنه قتله بعده حتى تلزمه دية ونصف صدق الجاني بيمينه ؛ لأن الأصل عدم الاندمال ، ولو تنازعا الولي وقاطع اليدين أو اليد في مضي زمن إمكان الاندمال صدق منكر الإمكان بيمينه ؛ لأن الأصل عدمه ، ولو قطع شخص أصبع آخر فداوى جرحه ثم سقط الكف فقال المجروح تآكل من الجرح وقال الجاني من الدواء صدق المجروح بيمينه عملا بالظاهر إلا إن قال أهل الخبرة : إن هذا الدواء يأكل اللحم الحي والميت فيصدق الجارح بيمينه مغني وروض مع الأسنى ( قوله ومات ) إلى قوله ومن ثم في المغني إلا قوله ، ولم يمكن اندمال ( قوله سببا آخر لموته إلخ ) كشرب سم يقتل في الحال مغني ( قوله ولم يمكن إلخ ) قضيته أنه لو أمكن الاندمال اختلف الحكم هنا ، وعبارة شرح الروض قد تقتضي خلاف ذلك فليحرر سم .

                                                                                                                              أقول بل عبارة شرح الروض كالصريح في أن المصدق هنا أي عند الإمكان الولي أيضا وتقتضيه عبارة المغني حيث أطلق هنا وحذف قيد ولم يمكن اندمال كما مر ( قوله نصف دية ) أي ، أو قطع اليد وقوله كل الدية أي أو القتل أسنى ( قوله تصديق الولي ) أي بيمينه مغني ( قوله استمرار السراية ) عبارة المغني عدم وجود سبب آخر وقدم هذا الأصل على أصل براءة الذمة لتحقق الجناية مغني ( قوله واستشكل هذا ) أي تصديق الولي أنه بالسراية سم ( قوله بالذي قبله ) أي بما تقدم في مسألة قطع اليدين والرجلين من تصحيح تصديق الولي أنه مات بسبب آخر بشرطه السابق مغني وأسنى وقولهما بشرطه السابق المراد به تعيين السبب مع عدم إمكان الاندمال فتدبر [ ص: 432 ] قوله ويجاب إلخ ) عبارة المغني أجيب بأنا إنما صدقنا الولي ثم مع ما ذكر ؛ لأن الجاني قد اشتغلت ذمته ظاهرا بديتين ، ولم يتحقق وجود المسقط لأحدهما وهو السراية فكانت الإحالة على السبب الذي ادعاه الولي أقوى إذ دعواه قد اعتضدت بالأصل وهو شغل ذمة الجاني . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله صدق ) أي الجاني فيجب عليه نصف دية فقط ع ش ( قوله فيصدق الولي ) أي فتجب دية كاملة ( قوله نظير ما مر ) أي في شرح والأصح تصديق الولي .




                                                                                                                              الخدمات العلمية