الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو قطعه من الكوع ) بضم أوله ويسمى كاعا وهو ما يلي الإبهام من المفصل وما يلي الخنصر كرسوع وما يلي إبهام الرجل من العظم هو البوع أما الباع فهو مد اليدين يمينا وشمالا ( فليس له التقاط أصابعه ) بل ولا أنملة منها لقدرته على القطع من محل الجناية ( فإن فعله عزر ) لعدوله عن حقه مع قدرته عليه ( ولا غرم عليه ) ؛ لأنه يستحق إتلاف الكل ( والأصح أن له قطع الكف بعده ) ؛ لأنه من جملة حقه ، وإنما لم يمكن من قطعه [ ص: 419 ] من قطع من نصف ساعده فلقط أصابعه ؛ لأنه لا يصل بالتمكين لتمام حقه لبقاء فضلة له من الساعد لم يأخذ في مقابلتها شيئا فلم يتم له التشفي المقصود بخلافه هنا ولو عفا عن الكف للحكومة لم يجب لاستيفائه الأصابع المقابلة للدية الداخل فيها الكف كما لا يجاب من قطع يدي الجاني إلى دية نفسه لاستيفائه مقابلها .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وإنما لم يمكن ) أي من قطعه من قطع من نصف ساعده فلقط أصابعه ؛ لأنه لا يصل بالتمكين لتمام حقه إلخ ولو قطع من المرفق فاقتص من الكوع لم يمكن بعد ذلك من المرفق ؛ لأنه بالقطع من الكوع أخذ صورة يد فلا يمكن من الزيادة بل له الحكومة وحاصل هذه المسائل أنه إذا قطع دون حقه فإن قطع مسمى اليد امتنع العود لزيادة وإلا فإن حصل بالعود تمام حقه جاز وإلا فلا [ ص: 419 ] وقضية ذلك أن من قطع من المرفق فالتقط أصبعا جاز له العود للباقي ولم أره صريحا فراجعه ( قوله : لاستيفائه ) الأصابع المقابلة للدية الداخل فيها الكف فإن قلت حاصل ذلك أن استيفاءه الأصابع يقتضي سقوط حكومة المنابت لكونها مقابلة للدية التي يدخل فيها الكف وهذا يخالف ما سيأتي في الباب الآتي فيما لو قطع كاملة بناقصة أصبع حيث يخير المقطوع بين أخذ دية الأصابع الأربع ولقطها من قوله والأصح أن حكومة الكف تجب إن لقط لا إن أخذ ديتهن وعلل الوجوب إن لقط بأنها ليست من جنس القود فلا يستتبعها وعدم الوجوب إن أخذ ديتهن بأنها من جنسها فاستتبعها وذلك ؛ لأن حاصل هذا كما هو ظاهر أن استيفاء الأصابع يقتضي عدم سقوط حكومة المنابت ، لا يقال يفرق بالتمكن من أخذ الكف هنا دون ما يأتي ؛ لأنا نقول : لم يجعلوا الملحظ فيما يأتي إلا عدم تجانس القود والحكومة فلم يستتبعها إلا أن يجاب بأن جعلهم الملحظ ما ذكر لا ينافي اعتبار ملاحظة شيء آخر معه وهو عدم التمكن فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : وهو ما يلي إلخ ) أي العظم الذي يلي الإبهام من جهة مفصله واحترز بهذا من جهة جانبه الذي هو أصل السبابة رشيدي ( قوله : إبهام الرجل ) بكسر الراء ( قول المتن فإن فعله ) أي قطع الأصابع عزر أي وإن قال لا أطلب للباقي قصاصا ولا أرشا لعدوله عن مستحقه نعم إن كان ممن يخفى عليه ذلك ينبغي أنه لا يعزر مغني .

                                                                                                                              ( قوله : وإنما لم يمكن إلخ ) ، ولو قطع يده من المرفق فرضي عنها بكف أو أصبع لم يجز لعدوله عن محل الجناية مع القدرة عليه فإن قطعها من الكوع عزر ولا غرم عليه لما مر وأهدر الباقي فليس له قطعه ولا طلب حكومته ؛ لأنه بقطعه من الكوع ترك بعض حقه وقنع ببعضه كما نقله الإمام والبغوي عن الأصحاب ، وإن قال البغوي عندي له حكومة الساعد وفارق ما مر في الصورة السابقة من أن له قطع الباقي بأن القاطع من الكوع مستوف لمسمى اليد بخلاف ملتقط الأصابع مغني وقال سم ، ولو قطع من المرفق فاقتص من الكوع لم يمكن بعد ذلك من المرفق ؛ لأنه بالقطع من الكوع أخذ صورة يد فلا يمكن من الزيادة بل له الحكومة وحاصل هذه المسائل أنه إذا قطع دون حقه فإن قطع مسمى اليد امتنع العود لزيادة وإلا فإن حصل بالعود تمام حقه جاز وإلا فلا وقضية ذلك أن من قطع من المرفق فالتقط أصبعا جاز له العود للباقي ولم أره صريحا فراجعه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : من قطعه ) أي الكف فإنه يذكر في لغة قليلة [ ص: 419 ] ع ش ( قوله : من قطع إلخ ) ببناء المفعول والموصول نائب فاعل لم يمكن وقوله فلقط ببناء الفاعل مسند إلى ضمير الموصول ( قوله : فلقط أصابعه ) أي تعديا ففي الروض أن له حينئذ أن يقطع أصبعا ويكتفي به وليس له أن يأخذ أزيد من ذلك لتعدد الجناية حلبي ( قوله : ولو عفا إلخ ) متصل بقول المتن والأصح أن له إلخ ( قوله : لم يجب ) أي للحكومة وعليه فهل يمكن من العود لقطع الكف فيه نظر والأقرب نعم ع ش ( قوله : الكف ) أي حكومتها ( قوله : من قطع إلخ ) مستحق نفس قطع إلخ مغني .

                                                                                                                              ( قوله : إلى دية نفسه ) أي نفس الجاني وقوله مقابلها أي الدية وهو يد الجاني .




                                                                                                                              الخدمات العلمية