الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو قال لمقطوعة يمين يمينك طالق لم يقع ) ، وإن التصقت كما مر نظيره ( على المذهب ) كما لو قال لها ذكرك طالق والتعبير بالبعض عن الكل السابق ضعفه إنما يتأتى في بعض موجود يعبر به عن الباقي وقيده الروياني بما إذا قطعت من الكتف وقضيته أنه إذا بقي منها شيء وقع لكن العرف المطرد أنها متى قطعت من الكوع سميت مقطوعة اليمين ، ويدل له " فاقطعوا أيمانهما " في قراءة شاذة ومع ذلك اكتفوا بقطع الكوع لفعله صلى الله عليه وسلم له وردوا قول الظاهرية تقطع من الكتف ووقع لبعضهم أنه أفتى في أنثييك طالق بالوقوع أخذا من قول أهل التشريح الرحم عصباني له عنق طويل في أصله أنثيان كذكر مقلوب والوجه بل الصواب عدم الوقوع أما أولا فلتصريحهم بأنه لا بد في وجود المعلق به الطلاق من تيقنه أي أو الظن القوي بحصوله كما قالوه في التعليق بليلة القدر استنادا لما فيها من الأحاديث الصحيحة وما ذكر أن لها أنثيين لم يعلم ولم يظن ظنا قويا ذلك إذ لم يرد به خبر معصوم وقول أهل التشريح لا يقبل في مثل ذلك ؛ لأن مبناه على الحدس والتخمين ، وأما ثانيا فلو سلمنا لهم ما قالوه فغايته أنهم رأوا ثم ما هو على صفة الأنثيين فسموهما بذلك والتسمية ليست لهم ، وإنما هي ؛ لأهل اللغة فإن تعذروا فأهل العرف العام لقول الشيخين إن الأصحاب إلا الإمام والغزالي يقدمون الوضع اللغوي على الوضع العرفي أي بقيده المعلوم مما سأذكره في الأيمان ، وأهل اللغة لم يتعرضوا لتينك الأنثيين فدل على أنه لا وجود لهما عندهم وعلى أنهما لا يسميان بأنثيين ولا خصيتين ولا بيضتين وكذلك أهل العرف لا يعرفون ذلك فضلا عن تسميته بذلك وكذلك أهل الشرع لا يعرفون ذلك ، وإلا لما خصوا وجوب الدية في الأنثيين بأنثى الذكر الصريح [ ص: 41 ] في أن ما للأنثى من صورتهما لا يسمى باسمهما ، وإلا لوجب فيهما نصف ما وجب في أنثى الذكر على القاعدة المقررة في ذلك نعم إن أراد المعلق بأنثييك اصطلاح أهل التشريح فلا شك في الوقوع ولعل هذا مراد من أطلق الوقوع ، وإلا فكلامه في غاية السقوط كما علم مما تقرر ثم رأيت عن بعض المتأخرين أنه أفتى بعدم الوقوع ، ويتعين حمله على ما قررته .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 40 ] قوله : والتعبير بالبعض إلخ ) فيه أن التعبير بلفظ البعض لا ينفيه والتجوز لا يستدعي وجود المعنى الحقيقي ( قوله : إنما يتأتى في بعض موجود يعبر به عن الباقي ) فيه أمران : الأول أن ظاهره غير صحيح ؛ لأن التعبير باسم البعض لا بالبعض فصوابه أن يقول يعبر بلفظه . والثاني أن التعبير بالبعض عن الكل من قبيل المجاز ، والمجاز لا يشترط فيه وجود المعنى الحقيقي كما هو معروف في محله ولهذا حكمنا بالتجوز والعتق في قول السيد لعبده الذي يمكن أن يولد لمثله المعروف النسب من غيره هذا ابني فإن المعنى الحقيقي ، وهو بنوته له منتفية فالوجه أن محل الخلاف عند الإطلاق ، وأنه إذا أراد التعبير بقوله يمينك طالق عن ذاتها مجازا صح وطلقت إذا كانت يمينها مقطوعة فليتأمل . ( قوله : وقضيته إلخ ) قد توجه هذه القضية بأن إضافة الطلاق إلى اليمين إضافة لكل جزء منها فمتى بقي منها جزء تعلق به الطلاق وسرى كما لو أضاف الطلاق لذلك الجزء الباقي بخصوصه ( قوله : وإلا لما خصوا إلخ ) قد تمنع هذه الملازمة باحتمال أن التخصيص ؛ لأن الغالب عدم تأتي الجناية عليهما لاستبطانهما أو ؛ لأن ما في الباطن لا دية فيه ، وإن وجبت في نظيره مما في الظاهر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : [ ص: 40 ] كما مر نظيره ) أي قبيل قول المصنف وكذا دمك ( قول المتن على المذهب المنصوص ) لفقدان الذي يسري منه الطلاق إلى الباقي كما في العتق والطريق الثاني يخرجه على الخلاف فإن جعلناه من باب التعبير بالبعض عن الكل وقع أو من باب السراية فلا . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ذكرك إلخ ) أي أو لحيتك نهاية ومغني قال ع ش قوله : أو لحيتك طالق أي فإنه لا يقع ومحله حيث لم يكن لها لحية ، وإن قلت . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إنما يتأتى في بعض موجود إلخ ) فيه أن التعبير بلفظ البعض لا ينفيه ، وأن التجوز لا يستدعي وجود المعنى الحقيقي فالوجه أن محل الخلاف عند الإطلاق ، وأنه إذا أراد التعبير بقوله يمينك طالق عن ذاتها مجازا صح وطلقت ، وإن كان يمينها مقطوعة . ا هـ . سم ( قوله : وقيده ) أي عدم الوقوع في المتن عبارة النهاية والمغني وصور الروياني المسألة بما إلخ ( قوله : وقضيته أنه إلخ ) عبارة المغني ، وهو يقتضي أنها تطلق في المقطوعة من الكف أو المرفق ، وهو كذلك ؛ لأن اليد حقيقة إلى المنكب . ا هـ . وعبارة سم وقد توجه هذه القضية بأن إضافة الطلاق إلى اليمين إضافة لكل جزء منها فمتى بقي منها جزء تعلق بها الطلاق وسرى كما لو أضاف الطلاق لذلك الجزء الباقي بخصوصه . ا هـ . وعبارة النهاية فيقتضي وقوعه في المقطوع من الكف أو المرفق ، وينبغي أن يكون على الخلاف في أن اليد هل تطلق إلى المنكب أو لا . ا هـ . قال ع ش والراجح أنها تطلق إلى المنكب فمتى بقي من مسمى اليد جزء وقع الطلاق بإضافته له ، وإن قل . ا هـ . وقال السيد عمر لك أن تقول اليد ، وإن كانت حقيقة إلى المنكب لكنها اسم للمجموع لا لكل جزء فإذا فقد جزء منها فقد فقد المسمى فليتأمل . ا هـ .

                                                                                                                              ولا يخفى أنه إنما يفيد فيما إذا كان المضاف إلى الكل عقدا ونحوه لا فيما إذا كان حلا ونحوه كما هنا ( قوله : ويدل له ) أي للعرف ( قوله : ومع ذلك ) أي مع وجود هذه القراءة ( قوله : أفتى في أنثييك طالق بالوقوع ) اعتمده النهاية ( قوله : في أنثييك إلخ ) كذا في أصله رحمه الله وكأن الظاهر في أنثياك إلخ فليتأمل . ا هـ . سيد عمر أي ؛ لأنه حكاية لقول المطلق أنثياك طالق عبارة النهاية ولو طلق إحدى أنثييها طلقت إلخ ، وهي سالمة عن الإشكال ( قوله : في أصله أنثيان ) نعت ثان لعصباني ( قوله : وقول أهل التشريح لا يقبل إلخ ) عطف على قوله لم يرد به إلخ ( قوله : إذ مبناه على الحدس ) محل تأمل بل مبناه على الاختبار والمشاهدة . ا هـ . سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله : فسموهما ) الأولى فسموه نظرا لما ( قوله : أي بقيده إلخ ) ، وهو أن لا يكون أشهر من اللغة ( قوله : وإلا لما خصوا إلخ ) قد يمنع هذه الملازمة باحتمال أن التخصيص ؛ لأن الغالب عدم تأتي الجناية عليهما لاستبطانهما أو ؛ لأن ما في الباطن لا دية فيه ، وإن وجب في نظيره مما في الظاهر . ا هـ . سم ( قوله : بأنثى الذكر ) كذا في أصله رحمه الله بهذه الصورة هنا وفي قوله الآتي - [ ص: 41 ] في أنثى الذكر ، وقد يقال ينبغي أن تزاد سنة للياء الثانية . ا هـ . سيد عمر ( قوله : إن أراد إلخ ) ظاهره بل صريح صنيعه عدم الوقوع عند الإطلاق خلافا لظاهر النهاية كما مر ( قوله : المعلق ) الأولى المطلق بالطاء بدل العين ( قوله : فلا شك في الوقوع ) أقول الأمر كما قال نظرا لما أسلفناه من المناقشة ، وإن كان هذا منافيا لما قدمه في قوله أما أولا إلخ فليتأمل . ا هـ سيد عمر ( قوله : على ما قررته ) أي على ما إذا لم يرد اصطلاح أهل التشريح .




                                                                                                                              الخدمات العلمية