الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن بدع ضلالهم وكفرهم أنهم يسمون هذا توحيدا وحقيقة ، ويزعمون أن كبار العارفين إنما أشاروا في توحيدهم وتحقيقهم إلى ذلك ، ومعلوم أن هذا جامع لكل شرك ، فهو أعظم شركا وأكفر كفرا من كل شرك وكفر .

ومنشأ التلبيس أن المشرك بين شيئين لا بد أن يسوي بينهما في شيء يشركهما فيه ، فيتحدان فيه ، كما قال الكفار : إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين [الشعراء :97 - 98] . فمن أشرك بالله شمسا أو قمرا أو كوكبا جعله شريك الله في العبادة والإلهية ، فاتحدا في الألوهية والعبادة فهو موحد للقدر المشترك بينهما عنده . ولذلك كل من قاس شيئا بشيء وشبه شيئا بشيء ، فلا بد أن يتحد الفرع والأصل المشبه والمشبه به في معنى يجمعهما ، فهو يشرك فيه توحيد المشترك ، ليس فيه [ ص: 179 ] توحيد الواحد الذي أشرك به غيره .

وهؤلاء الفرعونية القرامطة لما أشركوا بالله سائر المخلوقات في الألوهية ، وقالوا : إن ذلك الوجود المشترك هو الله وهو المعبود ، صاروا موحدين الوجود المشترك قائلين بأن وحدة الوجود المشترك هي وحدة الله ، وليس هذا توحيد الله الذي أشركوا به خلقه ، وإنما هو توحيد للمشترك بينه وبين خلقه . وكل مشرك في العالم فهو موحد هذا التوحيد الشركي الكفري ، لكن هؤلاء جمعوا كل شرك .

التالي السابق


الخدمات العلمية