الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن أكابر هؤلاء من تحمله الشياطين وتذهب به عشية عرفة إلى عرفات ، وترجع به في تلك الليلة ، وهو لم يحرم ولم يلب ولم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة ، ولم يفض إلى مزدلفة ولا رمى الجمار ، بل ويقف بعرفات بثيابه . ومعلوم أن هذا ليس من العبادات التي يحبها الله ورسوله ، بل قد رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعرفة قوما عليهم الثياب فطلب عقوبتهم . وهذا بمنزلة من حملته الشياطين إلى الجامع ، فصلى مع الناس بلا وضوء أو إلى غير القبلة .

ولو كان هؤلاء عالمين بدين محمد صلى الله عليه وسلم متبعين له لعلموا أن هذا الحمل إلى عرفات على هذا الوجه من أحوال الشياطين ، لا من كرامات أولياء الله المتقين . وبسط الكلام في هذا الباب وما فيه من الخطأ والصواب ، والفرق بين كرامات أولياء الله المتقين وبين أحوال أتباع الشياطين ، لا يتسع له هذا الجواب .

وإذا كان كذلك فهؤلاء تجب استتابتهم وعقوبة من لم يتب منهم ، [ ص: 403 ] وأقل عقوباتهم أن يهجر أحدهم حتى يتوب ، ومن أكرمهم لله تأليفا لقلوبهم واستتابهم وبين لهم ضلالهم فقد أحسن ، وأما من يكرمهم معتقدا أنهم من أولياء الله المتقين فهذا مخالف لدين المسلمين ، يجب عليه أن يتوب من ذلك ، ويعرف الحق الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن من خالف أمر الله ورسوله فهو ضال ، وعليه أن يتبع أمر الله ورسوله ، فإن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، وكفى بالله شهيدا . وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في خطبته : «خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة » .

تمت بحمد الله وعونه .

التالي السابق


الخدمات العلمية