الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأيضا فالإرادة تقوى وتضعف بحسب القدرة والعجز ، فالنفس لا تطمع من المعاصي غالبا إلا فيما هو من جنس مقدورها ، فإذا لم تقدر على المعصية فهي في الغالب لا تريدها إرادة جازمة . مع أن هذا الحديث فيه القول مع النية ، وبهذا قد يجاب أيضا عن قوله الذي في الصحيح : «إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل به » .

ومن الناس من يقول : التسوية في أصل الأجر لا في قدره . وقد احتج بعضهم على الإرادة بقوله : «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار » ، قيل : يا رسول الله! هذا القاتل ، فما بال المقتول ؟ [ ص: 60 ] قال : «إنه أراد قتل صاحبه » . وروي : «إنه كان حريصا على قتل صاحبه » . فهذا في مريد إرادة جازمة لم يمنعه إلا العجز ، وقد حاول أسباب القتل . فهو يوافق حديث أبي كبشة من وجه .

وأما الإرادة الجازمة من القادر فلا توجد إلا ويوجد الفعل ، فإنه متى وجدت الإرادة التامة والقدرة التامة وجب وجود الفعل ، فإن ذلك هو سببه التام ، فيمتنع عدم الفعل بعد وجود سببه التام . وحيث تعذر فلخلل في القدرة أو في الإرادة .

الوجه الرابع : أن الحسنات يتعدى ثوابها فاعلها ، وأما السيئة فلا يعاقب عليها إلا فاعلها ، فإن المؤمن ينفعه الله بصلاة المؤمنين عليه ودعائهم له واستغفارهم ، وبما يفعل عنه من العبادات المالية كالصدقة والعتق والحج ، وكذلك العبادات البدنية عندنا وعند الجمهور ، كالصلاة والقراءة والصيام والحج وغير ذلك ، كما جاء في ذلك أحاديث معروفة ، قطعة منها في الصحيح . وتنفعهم شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك أطفال المؤمنين تبع لآبائهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية