الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما ما ذكره بعض الفقهاء من حكاية العتبي عن الأعرابي الذي أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال : يا خير البرية! إن الله يقول : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم الآية [النساء :64] ، وإني قد جئتك . وأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في [ ص: 266 ] المنام وأمره أن يبشر الأعرابي فهذه الحكاية ونحوها مما يذكر في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر غيره من الصالحين ، فيقع مثلها لمن في إيمانه ضعف ، وهو جاهل بقدر الرسول وبما أمر به ، فإن لم يسعف مثل هذا بحاجته ، وإلا اضطرب إيمانه وعظم نفاقه ، فيكون في ذلك بمنزلة المؤلفة قلوبهم بالعطاء في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، كما قال : «إني لأتألف رجالا لما في قلوبهم من الهلع والجزع ، وأكل رجالا إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير » . مع أن أخذ ذلك المال مكروه لهم ، فهذا أيضا مثل هذه الحاجات .

وإنما المشروع الذي وردت به سنته فهو دعاء المسلم ربه متوسلا به [في حياته] ، لا دعاؤه في مماته ومغيبه أن يفعل ، ولا دعاؤه في مماته ومغيبه أن يسأل ، كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه أن النبي صلى الله عليه وسلم علم رجلا أن يقول : «اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، يا محمد! يا نبي الله! إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها لي ، اللهم فشفعه في » . [ ص: 267 ]

وذلك أن الله تعالى يقول : من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه [البقرة :255] ، وقال : ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع [السجدة :4] ، ثم قال : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما [النساء :65] . فأقسم بنفسه على نفي إيمان من لم يجمع أمرين : تحكيمه فيما شجر بينهم وأن لا يجد في نفسه حرجا ، وهذا يوجب أنه ليس في أمره ونهيه ما يوجب الحرج . . . . . امتثل ذلك . . . . . . حكمه لا بد فيه من أمر ونهي ، وإن كان فيه . . . . . . . أيضا . فلو كان المأمور به والمنهي عنه . . . . . . . ومفسدة وألما بلا لذة راجحة ، لم يكن العبد ملوما على وجود الحرج فيما هو مضرة له ومفسدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية