الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            - موقف عماد الدين خليل من التراث:

            لا يقدم عماد الدين خليل تعريفا واضحا لمعنى التراث، ولكن يظهر عنده بمعنى كل ما تملكه الأمة من ميراث إنساني في المعرفة والتقاليد والثقافة وأساليب الحياة، وهو يصفه بأنه جذور الأمة ومسارها الحيوي عبر الزمان والمكان، وهو منطلقها وحجر الزاوية التي ترتكز عليها.. كذلك هو قدر الأمة ونسيج وجودها، ولا يستطيع إنسان التنكر لماضيه متجاوزا وجوده المادي والروحي والفكري.

            [ ص: 192 ] ويدعو خليل إلى الالتزام والوعي بالتراث وتفحصه ودراسته، والتراث عنده شرط أساس لفهم الواقع والمستقبل، وهو يناقش من يتناولون التراث إما قادحين أو مادحين، فبعضهم قد عمل على إلغاء التراث جملة؛ لأن مكونات هذا التراث تصطدم مع النظرية المادية، كما يرى أن الاستعمار بشتى صوره قد سعى إلى التشكيك بتراثنا، ثم يقول: إن التشبث بالتراث للاستهداء بمعطياته يقودنا إلى الجمود ويقعدنا عن التقدم والحركة.. إن الذوبان في الماضي أو الهروب من الحاضر المليء بالتحديات للارتماء في أمجاد الماضي والعودة إلى الوراء، بسلبياته وإيجابياته، يعد موقفا غير علمي، لا يعتمد النقد أو الانتقاء.. ويتناول تدمير التراث الإسلامي أيضا على يد أعداء الأمة وخصومها مستشهدا ببعض آراء العلماء.

            ومن المسـائل اللافتة عند اعتباره للتراث نجده يحـدد أن التراث ليس محصـورا فقط في الإسلام وإنما يشتمل على كل مصدر أحاط بالمجتمعات الإسلامية والعربية [1] .

            وضع خليل أيضا، ضمن ما وضع، مؤشرات حول منهجية الكتابة التاريخية عن الإسلام وحضارته، أهمها: إيجاد الملامح العامة للتاريخ الإسلامي وخصائصه وسماته وعناصر تفرده؛ اسـتيعاب فكرة التوازن النسـبي في التاريخ الإسـلامي بين القوى المادية والقيم الروحية؛ كذلك التوازن النسبي بين النزعتين الأخلاقية والمنفعية، فالتاريخ الإسلامي يتميز بخصـوصية عن غيره من تواريـخ العالم.. ويجب كذلك اعتماد أسلوب نقدي رصين في التعامل مع المصادر التراثية وعدم [ ص: 193 ] التسليم المطلق بكل ما يطرحه المؤرخ القديم، وإحالة الرواية التاريخية قبل التسليم بها إلى المجرى العام للمرحلة التاريخية لمعرفة مدى تناسبها مع تلك المرحلة [2] .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية