الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            3- الحاجة إلى وجود مناهج تاريخية علمية إسلامية في ظل المناهج الوضعية القائمة:

            3-1 مقاربة «أسلمة العلوم»:

            تقوم فكرة «أسلمة العلوم» على تصور مختلف للحياة والوجود على ما هو عليه في المذاهب والمناهج الوضـعية الحديثـة والمعاصـرة وحتى الاتجاهات القديمة في نظريات العلوم أو أساطير التاريخ أو الفلسفات الوثنية أو المادية وغير ذلك.. إنها تصور للفهم يقوم على رؤية كلية للحياة، قوامها التوحيد والإيمان بالغيب، وفهم الكون وإدراك تفاصيله ومساراته ضمن معاني توحيدية خالصة.

            هذه الفكرة تأتي في إطار حضاري فلسفي موجه ليس نحو المسلم فقط ولكنه يستوعب الخيرية للنظام البشري والإنساني، الذي أظهرته فلسفة التوحيد.

            من ناحية أخرى، فإن «إسـلامية العلوم» ليست هي الصحوة الإسلامية أو النهضة الحضـارية للمسـلمين، وهي كذلك ليسـت مجرد عـودة المسـلمين إلى ماضيهم وتراثهم الثقافي والمعنوي، وإن كان مضمون الفكرة يستبطن هذه المعاني ويستلهمها ويدركها واقعا ونظرية.. إن الوعي بنظرية «إسـلامية المعرفة» هو الاتساق الحضاري للمعرفة في إطار توحيدي كلي جامع قيمي لإدراك [ ص: 216 ] الاتصال بين الإنسان والغيب، هذا الإدراك المنسجم والمتفق مع الإيمان وأصل الدين الخالص وصولا للحقيقة المعرفية.

            وربما اختلفت التسميات لهذا المفهوم منذ بدء الترويج والدعوة لهذه المقاربة، فربما أطلق عليها بعضهم (أسلمة) وآخرون رأوا أنها (إسـلامية العلوم أو المعرفة) أو (التوحيد) أو (التـكامل المعرفي) أو حتى (تأصـيل العـلوم) - وإن كنت أظن أن لفظة (تكامل) فيها بعض دخن من ناحية لغوية- إلا أن المضمون والمفهوم يبقى واحدا

            [1] .

            يتصـور الباحثان عبد الله النعيم وجمال الدين شريف أن المشـكلات الطارئة على العالم المعاصر على نحو المشكلة البيئية واستنفاد الموارد ومصادر الطاقة المخزونة وتراكم النفايات ومشروع الخريطة الوراثية للإنسان «الجينوم البشري» وأخلاقيات الاستنساخ البشري والتحكم في الصفات الوراثية للإنسان والتعاظم المتوالي لأسلحة الدمار الشامل، والحروب المهلكة للمجتمعات والخيرات، وظهور فلسفات النهايات: نهاية التاريخ، نهاية الحداثة... إلى آخر ذلك، وفلسفة صراع الحضارات وغيرها من الأزمات، التي تعترض مستقبل الحياة [ ص: 217 ] البشرية، إنما هي انعكاس لأزمة معرفية، نتيجة التوليد والتوجيه غير الرشيد للمعرفة الإنسانية [2] .

            إن النهضة الأوربية، التي جاءت بعد عصر التنوير والتي تمتد آثارها الفكرية والعلمية على واقع اتجاهات العلم اليوم قامت على مبادئ منافية لحقيقة التصور الإسلامي، وأبرز أصولها هي: الإيمان العميق بالعالم الطبيعي؛ الاعتقاد الكامل بالإنسان وأنه مركز ومحور ثقل العالم والعامل الفعال في التطور والإبداع؛ الإيمان بالعقل وحده أنه الوسيلة الوحيدة التي تضمن السيطرة على الكون وتسخير إمكاناته اعتمادا على العلم وحده.. وبذلك غدت الفلسـفة المادية في التعاطي مع الوجـود والحيـاة هي السـمة الأبـرز في الفـكر الغربي، وبذلك غدت المعرفة في التصور الغربي تقوم على خصائص، أهمها:

            - أن مفهوم العلم كما بلورته الفلسفة الغربية أصبح ينظر إليه من ناحية شديدة التحديد، فالعلم هو: «المعرفة الـمصنفة، التي تم التوصل إليها باتباع قواعد المنهج العلمي، مصاغة في قوانين عامة للظواهر الفردية المتفرقة». إن هذا العلم يقوم على الاستقراء الذي يعتمد على الملاحظة ووضع الفروض وإجراء التجارب للتحقق من صحة الفروض، وعلى هذا أصبح العلم يقتصر على دراسة ما يعرف بالواقع المحسوس أو الواقع «الأمبيريقي»، أي الظواهر التي يمكن إدراكها بالحواس.. أما المنهج فإنه يركز بصفة أساسية على الاستقراء.

            [ ص: 218 ] - اعتماد النموذج التطبيقي القائم على منهج الاستقراء في مناهج البحث والذي أحرز طفرة عظيمة في مجال العلوم الطبيعية، حيث تقوم هذه العلوم على استقراء الظواهر الجزئية المحسوسة وصولا إلى تعميمات تصدق في كل زمان ومكان بعد ثبوت مطابقتها للواقع المحسوس، وقد استبعدت هذه العلوم القيم الروحيـة والدينية، وهي القيم التي في الغالب ما تكون صـد الحماية دون الوقوع في إشكالات منافية للأخلاق الطبيعية.

            - اعتبر منطق نموذج العلوم الطبيعية مرجعية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، للسعي خلف تحقيق العلمية الكاملة.. ومن الواضح أن الظواهر الإنسانية والاجتماعية ليست في حقيقتها ظواهر حسية خالصة، فهناك جوانب غير مادية واضحة في الإنسان.

            - استبعدت العوامل الروحية في الأحكام العلمية.

            - لم تكن نظريات العلوم الإنسـانية والاجتماعية محايدة، بل كرسـت التـحيز الغربي.

            وفي الواقع، إن عدم الاعتراف بالوحي مصدرا للمعرفة هو كذلك أحد الإشكالات الفارقة بين العقلين المسلم والغربي، مما أوجد شكوكا للمسلمين إزاء الفلسفات الوضعية.

            إن الفلسـفة الغربية وتركيزها على الواقع المحسـوس أو عالم الشـهادة (الذات الإنسانية والطبيعة) قاد إلى تأليه الإنسان والطبيعة [3] .

            [ ص: 219 ] إن صياغة نظرية المعرفة (EPISTEMLOGY) في أوربا الحديثة تحت ظل مؤثرات تاريخية وثقافية وغيرهما قد جعلت هذه الصياغة تنأى بالعلم عن أن يكون ذا صلة بالمعاني الدينية [4] .

            ويرى إسماعيل راجي الفاروقي، أحد معالم وأعلام هذا المشروع، أن المسلم المعاصر يعاني انفصاما معرفيا وحضـاريا وثقافيا نتيجة للمناهج التعليمية القائمة في بلاد المسلمين، ونتيجة أيضا لمصدر المعرفة الغربية، الذي لن يحقق الذاتية المرجوة للإنسان المسلم.. وهو كذلك يرفض فكرة حصر المعرفة بالإسلام ضمن طبقة من المتعلمين تعليما تقليديا بما يقيد الوعي بالإسلام وقيمه، يقول:

            «إنه لا يليـق بالمسـلمين أن يعتقدوا أن الحضـارة الإسـلامية سـتبقى حية ما دامت تدرس في أقسام الدراسـات الإسـلامية ومعاهـدها وفي كليات الشـريعة أو جـامعاتها. والواقـع أن إنشـاء المسـلمـين أقسـامـا للدراسـات الإسـلاميـة في جامعاتهم لدليل على انحطاطهم، وأن تلك الأقسـام ليست دائـما سوى نسـخ من أقسام الدراسات الاستشراقية في الجامعات الغربية، حيث تكون دراسة الإسلام مجال تخصص لقلة ممن يحتاج إليهم المجتمع لتدبير شؤون علاقاته بالعالم الإسلامي.. إن الطريق إلى دراسة الشريعة يجب أن يفتح أمام كل أفراد الأمة، وذلك على الرغم من أن الحاجة إلى متخصـصين في الشـريعة يقومون بالفصـل في الخلافات بين المسلمين ستظل تتطلب ذلك التدريب الرفيع الذي تقدمه [ ص: 220 ] كليات الشريعة.. إن كل فرد يجب أن يكون لديه علم حيوي بعلوم الشريعة، فذلك هو المنهاج المعياري أو منهج الوجود الإسلامي» [5] .

            ويظن إسماعيل الفاروقي أن «أسلمة المعرفة» تعالج أوان القصور في المنهجية التقليدية، وهي تقوم على عدة مبادئ، هي: الوحدانية، فيعيش المرء واعيا بوحدانية الله تبارك وتعالى، حيث لا مكان للصدفة أو العبث، وحيث الله هو مبدأ كل شيء وغاية كل شيء.. ثم وحدة الخلق، فتوجد حقيقة واحدة مطلقة، ويوجد السبب والمسبب، ثم إن التقدير الإلهي له غايات، وكل الغايات مرتبطة ببعضها، وكل الكون متفاعل في إطار النظام الواحد، وأن الخليقة مسخرة لخدمة الإنسان [6] .

            ومشروع «أسلمة المعرفة»، كما يقول بذلك أصحابه، ليس تعبيرا آخر من تعبيرات صياغة فكرة «التمدن الإسلامي» كما لدى محمد عبده، فهي ليست إرادة جمعية تلفيقية تسعى إلى التقريب أو التوفيق بين العلوم العصرية والدين لإيجاد مركب ثقافي هجين.. وهذا المشروع لا ينظر كذلك إلى حلول معضلات الواقع المسـلم وفقا لمنطق الأمير شـكيب أرسـلان: «المسـلمون ينهضون بمثل ما نهض بهم غيرهم»، فالحديث عن تخلف المسـلمين قياسا على تقدم غيرهم لا يقدم تفسيرا للأزمة، التي يعيشها المسلمون في كل جوانبها، ولا الأزمة الإنسانية العامة، لا سيما أن التأخر الذي أصاب المسلمين ليس بسبب دينهم [7] .

            [ ص: 221 ] وقد اشترك مفكرون مسلمون من أقطار شتى وأنحاء مختلفة في التنظير لهذه الفكرة، فلدينا أسماء مثل العطاس وأبو سليمان وإسماعيل الفاروقي لديهم كتابات واضحة أسست لهذه الأفكار، ولدينا أسماء أخرى أسهمت في عرض التطبيقات نذكر منها إبراهيم زين [8] .

            ثم نجد كتابات أخرى لجعفر شـيخ إدريس، الذي كتب بحوثـا باللغتين العربية والإنجليزية، لعل من أهمها بحوثه في «الرد على أوهـام الماديـة الجدليـة».. ووضع رسـالتين صغيرتين حول الموضـوع تعدان أسـاسا لكل من كتب بعده.. كما له بحوث في الرد على الفكر الغربي والمذاهب المعاصرة [9] .

            3-2 أسلمة العلوم وعلم التاريخ:

            وفي مجال التاريخ لدينا الرائد في هذا الباب المفكر والمؤرخ عماد الدين خليل، الذي نذر قلمه للتبشير بالفكرة والعمل عليها عبر مؤلفات عديدة رفد بها المكتبة العربية، والمؤرخ المعروف عبد الحليم عويس، الذي وضع رؤى جـديدة حول جانب من التاريخ الإسلامي وتصحيحه، كما اهتم ببيان السنن والنواميس في التاريخ وفقا لمنظور إسلامي.

            ويتصور عماد الدين خليل أن التفسير الإسلامي للتاريخ يختلف منهجيا عن المذاهب الوضعية.. فالتفسير الإسلامي للتاريخ يضع الحقائق التاريخية ويفسرها بناء على المنهج الإسلامي، الذي رسم قوانين للحياة وسننا لحركة التاريخ البشري، [ ص: 222 ] فتسـاق الوقائـع للتدليل على المذهب والقـانـون وتـأكيده، وقد اتـجه عـدد من المفكرين الأوربيين إلى رفض هذه الطريقـة في فلسـفة التـاريخ، فهؤلاء يرون أن التاريخ لا يخضع لأي ناموس أو سنة، بينما نجد اتجاهات أخرى في فلسفة التاريخ تتوافق مع تفسير التاريخ وفقا لمذهب مسبق، وهذا واضح في المادية التاريخية التي صنعها «ماركس» و«أنجلز» [10] .

            إن المفهوم الإسـلامي لتفسـير التاريخ، يستجمع ويستمد طابعه الأساس من الفهم لإرادة الله المحيطة بالكون والأشياء، وبالترابط الوثيق بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة وبين إرادة الإنسان وبين العوامل المادية والروحية جميعها [11] .

            يرى خليل كذلك أن تطبيق المنهج المادي في دراسة التاريخ الإسلامي قد أحدث أخطاء، ويظن أنه من الأجدر بالمسلمين أن يستخدموا مناهج جديدة في ذلك، مثلا استخدام فترات وحقب خاصة بالتاريخ الإسلامي.. ويرى أحد الباحثين أن بعض المؤرخين المسلمين قد اتجه إلى تحقيب التاريخ الإسلامي بصورة جديدة، على نحو المؤرخ عبد العزيز الدوري، الذي قسم التاريخ إلى ثلاثة مراحل: الأولى: مطلع القرن السابع الميلادي إلى الحادي عشر الميلادي، الثانية: بين القرن الحادي عشر والخامس عشر، والثالثة: بين القرن السادس عشر وإلى العشرين [12] .

            [ ص: 223 ] وفي الواقـع، أن مسـألة الحقـب التاريخيـة مسـألة متـعلقـة بـأمريـن: الأول: هو حقب التاريخ الإسلامي في تطوره دون الارتباط بالحراك التاريخي المتزامن مع التاريخ الإسلامي، والثاني: التاريخ الإسلامي في إطار الحركة التاريخية المعاصرة له. والأمر الأول قد يكون مجحفا إلا أننا نشير إلى أن بعض المؤرخين الغربيين أنفسهم يحقبون التاريخ الإسلامي وفقا لقواعد مختلفة وتبعا لتفسيرات متعددة، منها انعقاد رابطة بعينها تصل بين سنوات أو عقود أو قرون متصلة جعلت هذه الفترات تصور عهدا قائما بذاته لا يشبه العهد الذي سبقه أو الذي يليه، نلحظ مثلا أن «كارل بروكلمان» قد حقب تاريخه عن العرب في خمس حقب، الأولى: تاريخ العرب قبل الإسلام إلى سقوط الأمويين، والثانية: الإمبراطورية الإسلامية وانحلالها متضمنا دولا وممالك إسلامية مختلفة، ثم الثالثة وهي فترة الأتراك العثمانيين، ثم الإسـلام في القرن التاسـع عشر، ثم الخامسـة وهي الدول الإسلامية بعد الحرب العالمية [13] .

            بينما نجد غربيين آخرين تحدثوا عن فترتين في التاريخ الإسلامي، هما السبعة قرون الأولى بعد ظهور الإسلام، وأطلق عليها هؤلاء العهد الذهبي للإسـلام، فهي فترة الازدهار والتفوق الحضاري للأمة الإسلامية، ثم السـبعة قرون التالية والتي غدت بداية التقسيم والانهيار والتدهور، نجد أن عمر فروخ يناقش أهمية التجديد في التحقيب التاريخي، فالمؤرخون الأوربيون وفقا لتقسيمهم للفترات [ ص: 224 ] التاريخية: (العصور القديمة والعصور الوسطى والعصور الحديثة) -كما أشـرنا- فإن العصـور القـديمة تبـدأ عنـدهم منذ أقدم الأزمنـة وتنتهي بسـقوط رومية عند هجمات البرابرة الجرمان على أوربا وسـقوط الإمبراطوريـة الرومانية الغربيـة في العام 476 للميلاد.. والعصور الوسطى تبدأ عندهم من العام 476 للميلاد وتنتهي بسقوط القسـطنطينية عاصمة رومية أو بيزنطة أو الإمبراطورية الرومانية الشـرقية في يد الأتراك العثمانيين عام 1453 للميلاد.. ثم تأتي العصور الحديثة، منذ العام 1453م، إلى التاريخ المعاصر.

            ويذكر فروخ أن الأوربيين لما وضعوا هذا التحقيب في تصانيفهم، واتخذوا هذه الأعوام فواصل عند تقسيم أعصر التاريخ، فإنهم قد نظروا إلى تاريخهم هم، واتفق أن كان هذا التقسيم ملائما لحياتهم الحضارية والثقافية.. فقد كان أولئك المؤرخون نصـارى، من أجل ذلك عدوا سـقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية (وهي دولة نصرانية كاثوليكية في النصف الغربي من قارة أوربا) ، ثم سقوط القسطنطينية وهي عاصمة دولة نصرانية أرثوذكسية في النصف الشرقي من أوربا، معلمين عظيمين يمثلان خسران النصرانية في الشرق والغرب، ثم يتحول عندهما مجرى التاريـخ تحـولا أسـاسـيا، ومع ذلك فإن تاريخنا الإسـلامي العربي يتقاطع في حدوده الزمنية مع هذا التقسيم.

            لهذا يرى عمر فروخ أنه من الأصوب أن يكون للحضارة الإسلامية تقسيم أكثر انطباقا على عهود حضارتها وثقافتها. ويريد فروخ هنا اعتماد تواريخ تلائم وتظهر الأثر الإسلامي على العالم، وتوضح بجلاء كيف أن الإسلام قد أحدث [ ص: 225 ] تحولات أساسية على العالم، بدلا من الركون إلى نوع من التحقيب يصور وجهة نظر العالم المسيحي فحسب [14] .

            ويتناول عبد الله العروي فكرة التحقيب ضمن تصورات علمية واضحة، لكنه بالكاد يصل إلى نتيجة عملية مناسبة تشفي صدور أصحاب المدرسة الإسلامية في تفسـير التاريخ، أو تقدم إجابة كاملة عن الموضوع، بقدر ما فيها من عرض متقن لجوانب الأمر وصـوره وتبريراته.. وربما بها تلميح كذلك إلى الضرر المترتب على محاولة إعطاء مسألة التحقيب، من وجهة نظر إسلامية، بافتراض أصحاب أسـلمة التاريخ، حجما وأثرا وبعدا لا يتماشى مع منطق العلمية والبحث التاريخي.

            يعرض العروي أولا إلى التحقيب في التاريخ الطبيعي والذي يوضع على أساس ما يقدمه اختبار أعمار مظاهر الطبيعة، فتقسم كل حقبة وفقا لتميزات محددة قاموا بوضعها، ويذكر أنه من الملاحظ أن الاتفاق يتم بسهولة فيما يتعلق بالحقب القديمة، ولكنه يصعب بل ويستحيل كلما قربت المدة.

            أما بالنسبة للتاريخ البشري، فهو ينوه إلى أن هناك ميراثا وجده المؤرخون الغربيون والمسيحيون والمسلمون سواء بسواء فيما يتصل بالتجزئة التقليدية المبنية على تسلسل الإمبراطوريات الأربع: الكلدانية، والفارسية، واليونانية، والرومانية، ولذلك ذكر الأسقف «بوسيه» اقتراحا آخر حول التحقيب يستنبط من الأيام [ ص: 226 ] السبعة، التي استغرقها إبداع الكون، قبل أن يقترح تجزئة ثلاثية، أخف على الذاكرة في رأيه.. لم يقبل هذا التحقيب، ولكن بنيته الثلاثية بقيت مضمنة في كل التحقيبات اللاحقة.

            ويشير العروي إلى أن التقسيم الثلاثي يكتسي دائما مغزى دينيا وفلسفيا، وقد كان جاريا عند شعوب الشرق، ثم استعاره اليهود، وأخذه منهم المسيحيون، ثم ورثه فلاسفة عهد التنوير وحوروا اتجاهه ومعناه.. لقد شارك في بلورة التجزيئية الثلاثية للتاريخ العام رجال عديدون، إلا أن استعمالها في الحقل المدرسي فيعزى إلى الألماني «كريستوف كللر».

            ويتسـاءل العـروي: هل سـاعد التحقيـب الغربي على توضـيح التـاريخ غير الغـربي أم عمل على طمس معـالمه؟ وهل يجب تنقيـحه بعد عمليـة توفيق أم إلغائه بالمرة؟ وإذا قيل بالإلغاء فما هو البديل؟

            ويصـل العروي إلى نتيجـة أنـه لا يمكن إيجـاد تحقيب بديـل أو القيـام بأي عملية توفيقية، وحتى التحقيب الماركسي للتاريخ فشل؛ لأنه يحمل صفة زمنية حديثة ولأنه ينظر إلى الشرق والغرب عالمين مختلفين، ولذلك يمكن أن يكون هناك تحقيب متخصص ولا يحور التحقيب العام [15] .

            وأظن أن استخدام حقب مختلفة في فترات التاريخ الإسلامي ربما يأتي وفقا للمعطيات التاريخية لهذه الحقب واتساقها جميعا بما يشبه وجود خيط رابط بينها، كما أشرت.. إن مثل هذا التحقيب ليس ثمة إشكال حوله.

            [ ص: 227 ] أما التقسيم الآخر وهو التقسيم الغربي المعتمد في تقسيم فترات التاريخ بصورة عامة، كأن يقسم التاريخ إلى قديم ووسيط وحديث - وقد أشرنا في الفصل الأول إلى أن بعض دعاة «أسلمة التاريخ» يرفضون ذلك - فإن هذا التقسيم موضوع وفقا للتطور التاريخي لحركة الشـعوب الغربية، ولا ينعكس تماما على الأمم الإسـلامية، ليس في المسميات تبعـا للمراحـل الزمنية، وإنما - فيما أظن- في ربط التطور الذي أصاب المسلمين في ضوء تجارب الشعوب الغربية، بما يعني أن في ذلك شـبه إجحـاف لحركة تاريـخ المسـلمين مقارنـة في ذات الوقت بحركـة التـاريخ في أوربا مثلا.

            فما يسمى بالعصور الوسطى، التي تقوم في المخيلة الغربية على فترة الظلام (أو العهود المظلمة) لم تكن في المخيلة الإسلامية تحمل ذات الصور وألوان التطور أو التأخر، فالعالم الإسلامي كان في أرقى عصوره وأزهى أحواله، وكان مركز الحياة والتجارة والعلوم والمعرفة الإنسانية، لكن هذا ينسحب على وقائع أخرى مفاهيمية في التاريخ الحديث والمعاصر، أعني بذلك أن الكتابة التاريخية باستخدام فترات زمنية بعينها أو تسمية واقع جغرافي محدد إنما يكتب كل ذلك ويؤرخ له من قبل الكتاب الغربيين انطلاقا من وجهة نظرهم وتصورهم ومن الموقع الذي يكتبون منه.

            وهذا شبيه بما نجده في مفاهيم أخرى مثلا مفهوم «عصر الكشوفات الجغرافية» وهي فترة ما قبل الاستعمار انطلاقا من نهايات القرن الخامس عشر وبعد فترة من خروج آخر ملك مسلم من شبه جزيرة أيبريا، وهو الملك عبد الله الصغير، والواضح من هذه التسمية أنها كشوف جغرافية خاصة بسكان غرب [ ص: 228 ] أوربا وحدهم دون أبناء العالم الإسلامي، الذين كانت مناطق الكشوف في آسيا وأفريقيا معروفة إلى حد ما بالنسبة لهم، بل كانت جزءا من عالمهم.

            وشبيه بذلك أيضا، كما هو معروف في الوقت الراهن، تسمية «الشرق الأوسط»، التي تعبر عن المنطقة العربية المسلمة، وهكذا.

            ويتساءل محمد أسد في ذات السياق: ما السبب الذي يجعل المؤرخين الغربيين، ومنذ عهد الإغريق والرومان، يميلون إلى رؤية تاريخ العالم بوجهة نظر ثقافة الغرب وبمصطلحاته وخبراته فقط؟

            وطبقا لتلك الرؤية المحدودة فإن أية حضارة غير أوربية يحكم لها أو عليها بمقدار تأثيرها في مصـائر الأمم الغربية... وهكذا، كأن تاريخ العالم وتعدد ثقافـاته لا يعدو أن يكون مجرد امتداد لتاريخ الغرب، ولذلك كما يظن محمد أسد فإن الغربي يوقن بأن التجربة الحضارية للغرب ليست فقط الأعلى والأسمى، بل إنها فوق كل قياس موازنة بحضارات العالم الأخرى، وهذا شبيه إلى الحد البعيد بتصورات اليونان والرومان في تصنيفهم للعالم [16] .

            3-3 الاستشراق في ميزان «أسلمة التاريخ»:

            يقف عماد الدين خليل موقفا متزنا من علماء الاستشراق، ويشير إلى أن معطيات الاستشراق ليست شرا كلها، كما أنها ليست خيرا كلها.. وتقوم المادة [ ص: 229 ] الاسـتشراقية على أمرين: أولهما المنهج أداة عمل، وثانيهما: الموضوع الذي يتمخض عن اعتماد هذه الأداة في هذا الحقل أو ذاك من حقول المعرفة التاريخية.

            ويوضـح خليل أن الكتـابـة عن الاسـتشراق، فـكرا ومنهجـا، أوجـدت في خلاصـة الأمر سـياقين اثنين انحسـرا في حيز محـدود، السـياق الأول يتمثل في الرفض المقفل لمعطيـات الحركـة الاسـتشراقية كافـة، والسـياق الثـاني يتمثل في التقبل المستسلم لهذه المعطيـات. والمنهج العدل يمضي لكي يتعامل مع المادة الاسـتشراقية دون أن يتقبلها بالكلية أو يلغيها من الحساب؛ فعن طريق التبصر الواعي بهذه المادة، وفي ضوء التمحيص العلمي المتأني الدقيق يمكن أن يتحقق الأخذ والرفض

            [17] .

            ويؤكد أن المستشرقين في عدد من المواقف يعبرون عن تحيز وموقف سلبي تجاه الإسلام وتاريخه، ويستشهد هنا بآراء محمد أسد الذي يوضح أن حركة الاستشراق نشأت وترعرعت تحت غطاء التبشير النصراني في البلدان الإسـلامية، ويبدو أنهم، فيما يرى محمد أسد، قد صنعوا صورة مشوهة عن الإسلام، لكن هذا الموقف الملتوي ظل قائما ومستمرا مع علوم الاستشراق حتى بعد أن تحررت من نفوذ التبشير.. وتحامل المستشرقين هو غريزة موروثة من المؤثرات التي خلفتها الحروب الصليبية [18] .

            [ ص: 230 ] وموضوع الاستشراق ليس هو هدفنا في هذا الحيز، وإنما هدفنا هو توضيح موقف دعاة «أسلمة التاريخ» من الدراسات الاستشراقية التاريخية، وقد كان أحد الدوافع والمسوغات، التي حثت على التأصيل الإسلامي للتاريخ.

            ومعروف بطبيعة الحال أن قضية الاستشراق هي قضية ما زالت تشغل العقل المسلم الحديث والمعاصر حول هذا التيار، الذي ظهر في فترة مبكرة وقبل قرون عديدة.. وليس ما ذهب إليه عماد الدين خليل من الوقوف تجاه الاستشراق بصورة تحاول أن تلتزم الحيدة والموضوعية، فليست حركة الاستشراق حركة محدودة، إنما هي تيار عريض متقادم استمر دفقه لقرون عديدة وما زال قائما.. وأشار الكثيرون إلى تحامل بعض الاستشراق، ونوه آخرون إلى فضائله وحسناته، ويبدو أن من أوضح فضائل الاستشراق أن وجه أبصار المسلمين إلى تراثهم بعد أن كان طي النسيان، وعرفهم بالكنوز العلمية الكامنة في آدابهم ومعارفهم.

            ومن الواضح أن بعض مدارس الاستشراق تتميز عن غيرها، فمثلا نلاحظ أن المدرسة الألمانية تتصف في أحيان كثيرة بالموضوعية، من لدن كتابات «رايسكه» (1716-1774م) ، وانتهاء بكتابات «هونكه» و«آنا ماري شميل» (1922-2003م) ، وبالتأكيد، في خضم ذلك، قد نجد تحاملا في كتابات ألمانية استشراقيه أو أخطاء منهجية في بعض كتابات «نولدكه» و«بروكلمان» و«باول كراوس» وغيرهم [19] .. كما نجد السقطات التاريخية والتحامل وكثيرا من [ ص: 231 ] ألوان التوهم أو غياب المنهج الدقيق، الذي يغيب عنه الاستقراء والمقارنة.. نجد كل ذلك قد كان واضحا لدى عدد من مؤرخي وعلماء الحركة الاستشراقية [20] .

            والملاحـظ أيضـا أنه ما يـزال عدد من الباحثـين، في إطار البنـاء العلمي، يعطي توصيفات لا تتلاءم مع هذا البناء، ولا يمكن قبولها بأي حال من الأحوال.. فلا يمكن لنا في حركة العلم الإنسـاني المعرفيـة أن نظل نصف من هو لا ينتسـب إلى المجتمعات الإسـلامية ويكتب عنها أو عن تاريخها ونعرفه بأنه مصدر التهديد الدائم للثقافة الإسلامية الأصيلة أو هو في أعراف المسلمين دائما مصدر للتشكيك، مبعث لعدم قبول المسلمين لطرحه.

            يقول أحد البـاحثين في وصـف مسـار حركـة الاسـتشراق في الكتـابات التاريخية:

            «تحكمت النظرة الاستعلائية، التي اتخذها الغرب منهجا في تعامله مع الشرق، في تعامل المستشرقين مع الإسلام ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وسـيرته العطرة والتاريخ الإسـلامي، هذان الفرقتان مختلفتان في الظاهر متفقتان في الباطن، الأولى مجاهرة متعصبة والثانية متوارية متحاملة.. فما لبثوا أن انبرى لهم علماء المسلمين بمنهج قويم مصدره كتاب الله الكريم والسنة النبوية المطهرة، توثيقا وتثبتا وتثبيتا، فكشفوا نوايا المستشرقين وأظهروهم على حقيقتهم بالحجة والمنطق [ ص: 232 ] والبرهان، معترفين بما لهم من فضل وبما بذلوه من جهد في خدمة التراث العلمي الإسلامي، منبهين إلى بعد معظم المستشرقين عن العلمية والمنهجية رغم ما ادعوه من موضوعية كان القصد منها ستر ما انكشف من تحريف وتزييف ودس على الإسلام وتشويه لوجهه المشرق الوضاء» [21] .

            ويقول في مقام ثان مستكملا فكرته في العداء المطلق للاستشراق التاريخي:

            «وفي مجال اهتمام المستشرقين بدراسة التاريخ العربي الإسلامي سنجد عددا كبيرا جدا من دراسات المستشرقين موجها على كتب التاريخ، ونشرها وأصولها ومصادرها، وأحداثها، وكتب تاريخ السير والمؤرخين، منذ عهود الرواية إلى التدوين، إلى المؤرخين الكبار (الطبري وابن الأثير، مثلا) وصولا إلى ابن خلدون.. ودراساتهم التاريخية تقوم على تقسيمات جغرافية وإقليمية وعنصرية ومذهبية وطائفية، القصد منها التفكيك والتفتيت والتمزيق» [22] .

            نحن بكل تأكيد لا نتفق مع اللهجة الواردة في مثل هذه الأبحاث التي تشبه في واقع الأمر جانبا من الخطاب الإسلامي المعاصر، الذي يبشر بالعداء مع إنتاج الغرب للمعرفة، ورفض مناهج واتجاهات التفكير الغربي جملة واحدة وفي ضربة لازب.. أظن بشكل كلي أيضا أن هذا يجانب التصور الإسلامي الصحيح القائم على البحث عن الحقيقة أينما وجدت، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الكلمة [ ص: 233 ] الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها»

            [23] .. لكن، هل تقوم مناهج «أسلمة التاريخ» وتنادي برفض المناهج غير الإسلامية، أو تدعو إلى عدم استخدام مناهج المستشرقين أو عدم التعامل معها ورفضها؟ قطعا ليس هذا منهج دعاة «أسلمة التاريخ» وليس هذا الخطاب المأزوم هو خطابهم [24] .

            خاتمة لهذا المطلب، فإننا يجب أن نؤكد أن الدراسات التاريخية عموما، والدراسات التاريخية الحديثة والمعاصرة في العالم الإسلامي، لا يمكن أن تقوم بمنحى أو بمعزل عن عمل المستشرقين وجهدهم وكتاباتهم أو النظر فيها والاستعانة بمحتـواها، إذا ما اتبـعت المعايـير العلمية الواضـحة وجانبت ضـيق الأفـق.. وهي كذلك ليسـت انعكاسا لآراء الغربيين ومفاهيمهم، تتبعها حذو الحافر بالحافر والنعل بالنعل حتى تبيت بلا هوية أو خصوصية.

            [ ص: 234 ] وفي حقيقة الأمر، فإن كثيرا من المناهج الحديثة وربما المعاصرة لم تصادم القرآن الكريم، إن لم يكن القرآن الكريم نفسه قد بشر بها ونادى بها قبل الفكر الغربي الحديث.

            إن الفلسـفات الغربية الإغريقيـة والرومانية القديمة مثل المنهج الصـوري وغير ذلك كان له أثره الواضـح في نشـأة وتطـور العلوم الشـرعية الإسـلامية، نحو علم الفقه وعلم أصول الفقه وما سواهما، ولست أشك البتة أن المناهج التاريخية الإسـلامية هي متأثرة شـيئا ما بالكتـابات القديمة من الحضـارة الغربية أو غيرها، ويجمع كافة المؤرخين السابقين والمعاصرين وكذلك أئمة الفكر الإسلامي أن أسس المعرفة الإسلامية قد تبنت منهج التلاقح والأخذ بروح منفتحة وعقل نشـط وفكر حر، دون حرج من عند من يؤخذ هذا العلم، سواء كان خصما أم صديقا.

            ومن اللائق جدا كذلك الإشـارة إلى جانب عظيـم من الوثـائق التـاريخية في تاريخ المسـلمين الحديث هي موجـودة في مكتبات أوربا، وجانب مهم من التاريخ الحديث كذلك دبجته أيدي المؤرخين الغربيين.

            3-4 «أسلمة التاريخ».. هل هي أيديولوجيا؟:

            ظن كثير ممن آمن بفكرة إسـلامية التاريخ أو غيرهم أنها فكرة أيديولوجية، وكان هذا أول الأخطاء وأبرزها، ولعل أوضح الجوانب في ذلك هو مظاهر التبني السياسي لفكرة «أسلمة العلوم» من تيارات وبعض المؤسسات ذات التوجه السياسي.

            [ ص: 235 ] إن الأيـديولوجيـة، كما يقول عماد الدين خليل [25] ، وكما يقول العقل والرأي السـديد، هي مع مناهج العلم الموضوعي، نقيضان لا يلتقيان، ولذلك فإن المشروعات والمؤسـسات التي تلقفت الفـكرة في طورها الأول واحتضـنتها في إطار سياسي حكومي لم تفرخ فيما بعد إلا فرضيات مضطربة ونظاما معرفيا لا يشبه الفعل العقلي أو ينسجم مع القواعد العلمية [26] .

            وقد اتجه وجيه كوثراني إلى أنه يجب ملاحظة أن ما نسميه إسلاميا في التاريخ هو الجانب الوظيفي الأيديولوجي في تصور الماضي، فإذا كان المؤرخون القوميون العرب قد ركزوا على أهمية الدولة الأموية باعتبارها دولة عربية وعلى إبراز المعارضة غير العربية أنها شعوبية مذمومة، فإن كثيرا من المؤرخين الإسلاميين في المقابل حاولوا التركيز على شمولية الإسلام، وعدم الاهتمام بالتنوع والتعدد الإثني، ويضرب مثلا بدراسة المؤرخ عبد العزيز الشناوي في موضوع (الدولة العثمانية دولة مفترى عليها) ، الصـادرة في ثمانينيات القرن الماضي، فهي في ظنه تمثل في العرض والأسـلوب وحقل الموضوعات وصور الإدراك أنموذجا لما أشـار إليه من أن إدراك الماضي [ ص: 236 ] ووظيفته في الحاضر هي التي تختلف بين مؤرخ إسلامي ومؤرخ قومي، لا أبعاد المنهج التاريخي وفلسفته وطبقاته ومستوياته ومضامينه [27] .

            وفي ذات السياق يمكن الإشارة إلى كتابات تاريخية أخرى نحت مناحي جاء هدفها الأول هو إبراز الصورة المثالية لفترة تاريخية معينة أو لأحداث تاريخية محددة، ويندرج تحت هذا الباب كتاب محمد علي الصلابي، وهو أيضا عن الدولة العثمانية [28] .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية