الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            2-4 المنهج في الخطاب القرآني:

            لعل هذا العنوان الفرعي هو أحد أبرز المسائل، التي تختص بها هذه الدراسة، وعليها يقوم الكثير من النقاش حول القضايا التي نتعرض لها، فالمنهج ووجود المنهج ضمن أي فكرة قد يحدد أبعادها العلمية ومستوياتها المعرفية، ولذلك فهناك أسئلة أساسية ينبغي أن تكون هي أداة الحوار والتفاعل مع المسألة القرآنية، مثل: هل القرآن كتاب مطلق؟ وهل يمكن أن نعتبره منهجا بحد ذاته؟ وهل توجد بالقرآن العظيم محددات نظرية وضوابط يمكن استنباطها منه؟ وهل يملك القرآن الكريم القدرة على استيعاب سائر منجزات العقل البشـري العلمي والمنهجي؟ وأعمال العباد وكسبهم وإنتاجهم، ما هو موقعه من كل ذلك [1] ؟

            إن الجدلية المنهجية في السـياق القرآني تقوم على أساس البعد الغيبي، وهو ناحية اسـتبعدت لدى المعنيـين بالقضايا العلمية والمعرفية منذ بداية النهضـة الأوربيـة التي قـادت إلى الثـورات المتتـابـعـة حـتى بـلغـت الحـداثـة، ثم ما بعد الحداثة

            [2] .

            [ ص: 72 ] إن طـرح الآراء المؤمنة بوجود منهجية علمية كونية في القرآن العظيم، ربما كان من ورائه مسألتان في غاية الأهمية، وهما:

            أن كتاب الله في حد ذاته يعطي ويقدم التصور المنهجي والطريقة العلمية ويمثلهما ولا يبتعد عنهما.. والأمر الثاني، أن القرآن الكريم قد أوضح لنا جوانب من أوجه القصور في المنهجية العلمية القائمة الآن.

            ويظن جابر العلواني أن طرح المنهجية القرآنية هنا لا يأتي خصـما على المنـاهج المعاصـرة لغرض إلغائـها أو الإعـراض عنها، أو إنـكار إيجـابياتها، بل استيعابها بعد تنقيتها من أسباب القصور..

            ويقدم جابر العلواني أيضا ما أطلق عليه «المحددات المنهجية القرآنية»، ويمكننا هنا أن نستعرض أبرز هذه المحددات كما تصورها:

            المحدد الأول: التوحيد محور الرؤية الكلية القرآنية: فلقد جعل القرآن الكريم التوحيد منذ البداية محور الرؤية الكلية، ويتصور العلواني أن الإنسان بهذه القيمة أصبح قادرا على بلوغ «الاستقامة» والحيدة العلمية [3] .

            المحدد الثاني: أن منهج القرآن الكريم، يساعد في الكشف عن القراءة التجزيئية وتجاوزها إلى القراءة الجامعة، وكذلك ما سماه الجمع بين القراءتين، قراءة [ ص: 73 ] الوحي وقراءة الكون، وهذا ما أشار إليه كل من اهتم بتفسـير حركة التاريخ على أسـاس إسلامي، أنه يـنبغي أن يكون هناك ربط بين الأسـباب والمسببات.

            المحدد الثالث: الوحدة البنائية للقرآن الكريم والاستيعاب الكوني: بحيث أنه يصح لنا أن نتعامل معه باعتباره مصدر المنهجية الكونية، فلا تجوز تجزئته بحال، ولا يجري تجاوز شيء منه بحجة أنه (حمال أوجه) أو أية حجة أخرى [4] .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية