الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            2-2 القرآن: الخطاب والرسالة التواصلية:

            الاتصال هو معلومات أو أوامر تبث إلى البيئة بهدف التأثير فيها، والسـيطرة عليها.. وتقوم العملية الاتصـالية على مكونات أسـاس، هي: المرسل أو المصدر، ثم الرسالة، ثم الوسيلة، ثم المـتلقي، والتأثير، ولا يمكننا الفصل بين هذه العناصر في الواقع أو تجاوز مدى التركيب والتعقيد.. وتتسم عملية الاتصال بالاستمرارية، والعناصر المتشابكة من الظروف النفسية والاجتماعية التي تؤثر في النهاية على انتقال الأفكار والمعلومات بين الأفراد والجماعات.. والرسالة هي مضمون السلوك الاتصالي، فالإنسان يرسل ويستقبل، وبعض الرسائل يتم نقلها بقصد، ورسائل أخرى تأتي مصادفة [1] .

            فعملية التواصل في الخطاب تتم من خلال رسالة بين مرسل ومتلق، تنجز بوسائل داخل سياق محدد في المكان والزمان، قصد التبادل والتبليغ والتأثير، فلا شـك أن مراعـاة نـوع العـلاقة في بنيـة الخطـاب بين طرفيه لها دور مهم في اختيار الطريقة الفاعلة والمؤثرة في عملية التلفظ بالخطاب.. وقد راعى [ ص: 67 ] القرآن قواعد الخطاب كلها، وبصورة واضحة، وذلك في توجيه أوامره الداعية إلى تهذيب القول.

            ومن الأمثـلة: التوجيـه، الذي وضـعه الله سـبحانه وتـعالى لنبـيه الكريم في خطابه مع كفار قريش في مقام الدعوة، قال تعالى: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين (النحل:125) ، فقد تجلت في هذه الآية الكريمة مجموعة من آليات الدعوة، تندرج في استعمال الخطاب وفقا لمراعاة السياق وهو الدعوة، وعنصر العلاقة بين الرسول صلى الله عليه وسلم، وكفار قريش، إذ نراه يراعي أحوالهم بما ينعكس على اختيار آلية الخطاب المتناسبة مع الموقف.. إن الخطاب في أصل تكوينه هو شكل لغوي، وإن هناك علاقة ما بين هذا الشكل اللغوي ومعناه، ولا شك أن هذه العلاقة تحتم البحث عن معايير التعبير، التي يقصدها المرسل في خطابه إلى المرسل إليه، والكيفية التي ينجز بها الخطاب [2] .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية