الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 153 - 154 ] وله أخذه بقيمته على المختار ، وإلا فكراء السنة : [ ص: 155 ] كذي شبهة

التالي السابق


( وله ) أي مستحق الأرض ( أخذه ) أي الزرع الذي ينتقع به ووقت ما تراد له لم يفت فله أخذه ( بقيمته ) مقلوعا مطروحا منها أجرة قلعه وتسوية الأرض إن كان الزارع لو كلف به يستأجر عليه ( على المختار ) للخمي من الخلاف . ومفهوم بقيمته أنه ليس له أخذه مجانا ، وهو كذلك على المشهور ، وصرح بمفهوم قوله إن لم يفت وقت ما تراد له فقال ( وإلا ) أي وإلا لم يفت إلخ بأن فات وقت ما تراد له ( فكراء السنة ) كلها يلزم الزارع لمستحق الأرض ويبقى زرعه فيها إلى انتهائه عند الإمام مالك " رضي الله عنه " ، وليس للمستحق قلعه ، إذ لو قلع فلا ينتفع بالأرض في تلك السنة . " ق " ابن يونس ابن القاسم من تعدى على أرض رجل فزرعها فقام ربها وقد نبت الزرع فإن قام في إبان يدرك فيه الحرث فله قلعه ، يريد وعلى زارعه قلعه وإن فات الإبان فله كراء أرضه . أشهب وكذلك غاصب الأرض . ابن القاسم وأشهب وإن كان صغيرا إذا قلع لا ينتفع به قضى به لرب الأرض بلا ثمن ولا زريعة ولا شيء .

ابن المواز لو كان صغيرا جدا في الإبان فأراد رب الأرض تركه وأخذ الكراء فلا يجوز ذلك لأنه يحكم به لرب الأرض ، فكأنه بيع زرع لم يبد صلاحه بكراء الأرض . ابن القاسم وإذا كان في الإبان وهو إذا قلع ينتقع به فلرب الأرض أخذ الكراء أو أمره بقلعه إلا أن يتراضيا على أمر يجوز ، وإن رضي الزارع أن يتركه لرب الأرض جاز إذا رضي رب الأرض ، وإذا لم يكن في قلعه نفع ترك لرب الأرض إلا أن يأباه فيأمره بقلعه عبد الوهاب لقوله صلى الله عليه وسلم { ليس لعرق ظالم حق } ، وهذا عرق ظالم . ولأن منافعها غير مملوكة للزارع ولا شبهة له فيها فليس له إشغالها على ربها ، فإن قام عليه وقد فات الإبان للزراعة ولا ينتفع المالك بأرضه إن قلع الزرع فقيل له قلعه . وقيل ليس له قلعه ، وإنما له كراء أرضه والقول الأول أصح لقوله صلى الله عليه وسلم { ليس لعرق ظالم حق } . [ ص: 155 ]

وقال الإمام مالك " رضي الله عنه " إن الزرع إذا سبل لا يقلع لأن قلعه من الفساد العام للناس كما يمنع من نحر الفتي من الإبل مما فوقه الحمولة وذوات الدر من الغنم . قال غيره وكما نهي عن تلقي الركبان واحتكار الطعام لمصلحة العامة فمنع الخاص من بعض منافعه لما فيه من ضرر العامة . اللخمي إن زرع الغاصب فللمستحق أخذ الأرض قبل الحرث وبعده ولا عوض عليه عن الحرث بانفراده ، وأخذ الزرع إذا لم يبرز أو برز ولم يبلغ أن ينتفع به إن قلع ، وإن كان فيه منفعة فهو للغاصب ، واختلف إذا أحب المغصوب منه أن يدفع قيمته مقلوعا ويقره هل له ذلك وأن يكون له ذلك أصوب لأن النهي عن بيع الزرع قبل بدو الصلاح على البقاء فيما يزيد للبقاء نماء ، ولا يدري هل يسلم ، وهذا يدفع قيمته مطروحا .

وشبه في حكم استحقاق الأرض المزروعة قبل فوات الإبان فقال ( ك ) استحقاق الأرض المزروعة من شخص ( ذي ) أي صاحب ( شبهة ) من وارث أو مشتر لم يعلم بالغصب قبل فوات إبان ما تراد له ما يلزمه كراء سنة لمستحقها ، وليس له قلع زرعه ولا أخذه . بقيمته مقلوعا . " ق " فيها لابن القاسم اكترى أرضا سنين للبنين أو الزرع أو الغرس فبنى فيها أو زرع أو غرس وكانت تزرع السنة كلها ثم قام مستحق قبل تمام الأمر ، فإن كان الذي أكراها مبتاعا فالغلة له بالضمان إلى يوم الاستحقاق ، وللمستحق أن يجيز كراء بقية المدة أو يفسخ ، وإن كانت أرضا تزرع في السنة مرة فاستحقها وهي مزروعة قبل فوات إبان الزرع ، فكراء تلك المدة للمستحق وليس له قلع الزرع لأن المكتري زرع فيها بوجه شبهة .

طفي لك أن تبقي الوارث هنا على إطلاقه ولو كان وارثا غاصبا لأن الكلام في لزوم كراء السنة ولا يؤمر بقلع زرعه ، ولا فرق في هذا بين وارث الغاصب ووارث غيره ، وإنما يفترقان في الغلة ، فوارث الغاصب لا غلة له وإن كان صاحب شبهة بالنسبة لعدم قلع زرعه ووارث صاحب الشبهة أو المجهول ذو شبهة مطلقا ، وقد قال في التوضيح [ ص: 156 ] وارث الغاصب لا غلة له باتفاق . وقال ابن عبد السلام على المذهب ، وأما قولها في كتاب الاستحقاق ومن ابتاع دارا أو عبدا من غاصب ولم يعلم فاستغلهم زمانا ثم استحقوا فالغلة للمبتاع بضمانه ، وكذا إن ورثهم عن أبيه ولم يدر بم كانوا لأبيه فاستغلهم ثم استحقوا فالغلة للوارث فمحمول على وارث المجهول الذي لم يعلم أهو غاصب أم لا ، ولذا ضبط قوله ولم يدر بالبناء للنائب .




الخدمات العلمية