الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 527 ] أو فسق مستأجر ، وآجر الحاكم ، إن لم يكف ، [ ص: 528 ] أو بعتق عبد وحكمه على الرق ، [ ص: 529 ] وأجرته لسيده ، إن أراد أنه حر بعدها .

التالي السابق


( أو ) أي ولا تنفسخ الإجارة بظهور ( فسق مستأجر ) دار مثلا فلا تنفسخ الإجارة وينهى عن فسقه ، فإن انتهى عنه أقر فيها ( و ) إلا ( آجر الحاكم ) الدار مثلا عليه لغيره بعد إخراجه منها ( إن لم يكف ) بفتح فضم مثقلا عن فسقه . فيها إذا ظهرت من مكتري الدار خلاعة وفسق وشرب خمر فلا ينتقض الكراء ولكن يمنعه الإمام من ذلك ويكف أذاه عن الجيران وعن رب الدار ، وإن رأى إخراجه أخرجه وأكراها عليه ، [ ص: 528 ] ابن حبيب وكذلك إذا أظهر فيها الزعارة والطنابر والزمر وشرب الخمر وبيعها فليمنعه الإمام ويعاقبه ، فإن لم ينته أخرجه عن جيرته وأكراها عليه ولا يفسخ الكراء قاله الإمام مالك رضي الله تعالى عنه في الفاسق يفعل مثل ذلك في دار نفسه أنه يعاقبه على ذلك فإن لم ينته باع الدار عليه . اللخمي أرى أن يبدأ بعقوبته ، فإن لم ينته أكريت عليه ، فإن لم ينته عن إذايته لإتيانه إليها بيعت عليه ، وسمع أبو زيد ابن القاسم قال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه في فاسق يأوي إليه أهل الفسق يخرج من منزله وتخارج عليه الدار والبيوت ، ولا تباع عليه لعله يتوب . ابن القاسم يتقدم إليه مرة أو مرتين أو ثلاثا ، فإن لم ينته أخرج وأكرى عليه . ابن رشد رواية ابن حبيب يباع عليه خلاف هذا السماع ، وقوله فيه أصح لما ذكره من رجاء توبته ولو لم تكن الدار له إلا بكراء أكريت عليه ، ولا يفسخ كراؤه ابن عرفة لأن فسخه مضرة على مكريه ، ويحتمل حمل رواية ابن حبيب على من لا ترتفع مضرة فسقه إلا برفع ملكه ، وحمل رواية ابن القاسم على من ترتفع مضرته بمجرد كرائها عليه . ابن رشد روى يحيى بن يحيى أنه قال أرى أن يحرق بيت الخمار . قال وأخبرني بعض أصحابنا أن الإمام مالكا " رضي الله عنه " كان يستحب حرق بيت المسلم الذي يبيع الخمر ، قيل له فالنصراني يبيعها بين المسلمين ، قال إن تقدم إليه فلم ينته أحرق بيته ، قال وحدثني الليث أن عمر بن الخطاب " رضي الله عنه " أحرق بيت رويشد الثقفي لبيعه الخمر به ، وقال له أنت فويسق لا رويشد ، والله تعالى أعلم .

( أو ) أي ولا تنفسخ الإجارة ( بعتق عبد ) مؤجر أو أمة مؤجرة فلا تنفسخ إجارته ( ويبقى حكمه ) أي المعتق وهو مؤجر ( على ) حكم ( الرق ) في شهادته وقصاصه حتى تتم مدة إجارته فيها من أجر عبده أو أخدمه سنة ثم أعتقه قبل تمام السنة فلا يعتق حتى تتم ، ولو مات سيده قبل تمام السنة فلا تنتقض الإجارة ولا الخدمة ، ويعتق العبد لتمام [ ص: 529 ] السنة من رأس ماله إلا أن يترك المستأجر أو المخدم ( وأجرته ) أي الرقيق الذي أعتق وهو مؤجر بعد عتقه في بقية مدة الإجارة ( لسيده إن أراد ) سيده بإعتاقه وهو مؤجر ( أنه ) أي الرقيق ( حر بعد ) تمام مدت ( ها ) أي الإجارة ، فإن أراد أنه حر بمجرد الصيغة أو لم يرد شيئا منهما فأجرته له في سماع عيسى ، وكراؤه لسيده وإن لم يستثن ماله وإن كان أمة فلا يطؤها . ابن حبيب الإجارة أملك به وأحكامه أحكام عبد ، واختلف في أجرته فقال الإمام مالك " رضي الله عنه " يسأل سيده إن أراد أنه حر بتمام الإجارة فيصدق والأجرة له ولو لم يقبضها أو إن أراد تعجيل عتقه فهي للعبد قبضها أم لا .

( تتميم ) ابن يونس من اكترى دارا فوجد لها جيران سوء فله ردها لأنه عيب ، ولهذا قال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه فيمن اشترى دارا فإذا لها جيران سوء إنه عيب ترد به قال الشاعر :

يقولون لي بعت الديار رخيصة ولا أنت مديون ولا أنت مفلس فقلت لهم كفوا الملامة واقصروا
بجيرانها تغلو الديار وترخص

والله سبحانه وتعالى أعلم .




الخدمات العلمية