الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 358 ] وأنفق ، إن سافر ولم يبن بزوجته ، [ ص: 359 ] واحتمل المال لغير أهل ، وحج ، وغزو بالمعروف في المال ، واستخدم ، إن تأهل

التالي السابق


( وأنفق ) العامل على نفسه من مال القراض ، أي يجوز للعامل أن ينفق على نفسه من مال القراض ( إن سافر ) العامل به من بلد القراض ببلد آخر للتجارة به في سفره وإقامته ببلد التجر حتى يعود لبلد القراض . ومفهوم الشرط أنه لا نفقة له إن لم يسافر ولو في وقت شرائه وتجهيزه ، وهو كذلك في المدونة وغيرها وظاهره ولو شغله عن الوجوه التي يقتات منها وهو كذلك . وقال اللخمي إن شغله عنها فله الإنفاق منه . " ق " ابن يونس القضاء أن للعامل النفقة في مال القراض إذا شخص للسفر به لا قبل ذلك . وفيها للإمام مالك رضي الله تعالى عنه إذا كان العامل مقيما في أهله فلا نفقة له من المال ولا كسوة ولا ينفق منه في تجهيزه إلى سفره حتى يظعن ، فإذا شخص به من بلده كانت نفقته في سفره من المال في طعامه ، وفيما يصلحه بالمعروف من غير سرف ذاهبا وراجعا إن كان المال يحمل ذلك ولا يحاسب بما أنفقه في ربحه ، ولكن يلغى وسواء في قرب السفر أو بعده ، وإن لم يشتر شيئا وله أن يرد ما بقي بعد النفقة إلى صاحبه ، فإذا وصل إلى مصره فلا يأكل منه .

( و ) إن ( لم يبن ) العامل في سفره ( بزوجته ) التي تزوجها فيه ، فإن بنى بها فيه سقطت نفقته ، وفهم منه أن العقد لا يسقطها فيها لو خرج بالمال إلى بلد فنكح بها ، فإذا دخل وأوطنها فمن يومئذ تكون نفقته على نفسه . [ ص: 359 ]

( و ) إن ( احتمل المال ) المقارض به الإنفاق لكثرته فلا ينفق من اليسير ولم يحد الكثير . وللإمام مالك رضي الله تعالى عنه في الموازية يرجع فيه للاجتهاد ووقع له السبعون قليل وله ينفق في الخمسين وجمع بينهما بحمل الأول على سفر بعيد ، والثاني على سفر قريب . ابن عرفة للخمي إن كان بيده مالان حمل مجموعهما ، ولا يحمله أحدهما بانفراده ، فله النفقة والقياس سقوطها لحجة كل منهما بأنه إنما دفع له مالا تجب فيه النفقة . ابن عرفة لم أعرف هذه الرواية لغيره ولم أجدها في النوادر ، وهي خلاف أصل المذهب فيمن جنى على رجلين مالا يبلغ أرش جنايته على كل منهما ثلث الدية وأرش مجموعهما يبلغه أن ذلك في ماله لا على عاقلته . ا هـ .

( و ) إن كان سفره ( لغير أهل ) أي زوجة ( و ) غير ( حج و ) غير ( غزو ) أي جهاد الكفار بأن كان للتجر بالمال . فيها قيل للإمام مالك رضي الله تعالى عنه عندنا تجار يأخذون المال قراضا ويشترون به متاعا يشهدون به الموسم ، ولولا ذلك ما خرجوا هل لهم في المال نفقة ، فقال لا نفقة لحاج ولا لغاز في مال القراض في ذهاب ولا في رجوع ، وإن كان إنفاقه من المال ( بالمعروف ) أي مناسبا لحال المال عادة بلا إسراف تقدم في نصها ، فإذا شخص به من بلده كان نفقته في سفره من المال في طعامه ، وفيما يصلحه بالمعروف في غير سرف ، وإذا وجدت الشروط وأنفق فما أنفقه ( في المال ) المقارض به لا في ذمة ربه ، فإن أنفق من مال نفسه ثم تلف مال القراض فلا رجوع له على ربه وكذا إن زاد ما أنفقه على مال القراض .

( واستخدم ) العامل من مال القراض في سفره ، أي يجوز للعامل أن يستأجر من مال القراض من يخدمه في سفره ( إن تأهل ) بفتحات مثقل الهاء أي كان أهلا لاتخاذ خادم يخدمه بأن كانت خدمته نفسه تزري به لكونه من أكابر الناس . فيها للإمام مالك رضي الله تعالى عنه للعامل أن يؤاجر من مال القراض من يخدمه في سفره إن كان المال [ ص: 360 ] كثيرا وكان مثله لا يخدم نفسه . ابن عبد السلام الخدمة أخص من النفقة وكل ما هو شرط في الأعم فشرط في الأخص .




الخدمات العلمية