الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ودفع مالين ، أو متعاقبين قبل شغل الأول ; وإن بمختلفين : إن شرطا خلطا ، [ ص: 344 - 345 ] أو شغله : وإن لم يشترطه : كنضوض الأول ، إن ساوى ; واتفق جزؤهما

التالي السابق


( و ) جاز إن أراد القراض ( دفع مالين ) في عقد واحد لعامل واحد كمائة دينار وألف درهم ( أو ) دفع مالين ( متعاقبين ) أي أحدهما عقب الآخر إن كان دفع الثاني ( قبل شغل ) المال ( الأول ) أي شراء السلع به إن كانا بجزأين متفقين كالثلث في كل ، بل ( وإن ) كانا ( ب ) جزأين ( مختلفين ) كنصف في أحدهما وثلث في الآخر ( إن ) كانا ( شرطا ) أي رب المال والعامل ( خلطا ) للمالين وقت العقد في دفعهما معا ، وعند دفع [ ص: 344 ] الثاني في الثانية سواء اتفق جزءاهما أو اختلفا في القسمين .

ومفهوم الشرط أنهما إن شرطا عدمه أو أطلقا فلا يجوز هذا هو المعتمد " ق " فيها لابن القاسم رحمه الله تعالى وإن قارضت رجلا على النصف فلم يعمل به حتى زدته مالا آخر على النصف على أن لا يخلطهما فلا يجوز . سحنون ويجوز على أن يخلطهما لرجوعهما إلى جزء واحد معلوم ، وروى أبو زيد عن ابن القاسم أنه لا يجوز على غير الخلط وإن كانا على نصف ونصف . وقال ابن المواز إن كانا على جزء واحد جاز أن يشترط أن يعمل بكل مال على حدة . ابن يونس هذا ظاهر المدونة وإذا اشترط أن يخلطاهما جاز كانا على جزء واحد أو جزأين مختلفين لأنه يرجع إلى جزء مسمى مثاله لو دفع إليه مائتين مائة على الثلث للعامل ومائة على النصف على أن يخلطهما ، فحسابه أن ننظر أقل عدد له نصف وثلث صحيح تجده ستة ، وقد علمت أن للعامل من ربح إحدى المائتين نصفه ومن ربح الأخرى ثلثه فخذ نصف الستة وثلثها ، وذلك خمسة ، ولرب المال نصف ربح المائة الواحدة وثلثا ربح الأخرى ، فخذ له نصف الستة وثلثيها وذلك سبعة فتجمعها مع الخمسة فيكون اثني عشر فيقسمان الربح على اثني عشر جزءا للعامل خمسة أجزاء وذلك ربع الربح وسدسه ، ولرب المال سبعة أجزاء وذلك ثلث الربح وربعه ، وقد غلط في حسابها . ابن مزين طفي قوله إن شرطا خلطا شرط في متفقي الجزأين ومختلفيهما وهو المعتمد كما في أبي الحسن وابن عرفة وغيرهما ، وهو مراد المصنف ، وبه قرر الشارح ولو أراد أنه شرط في المختلفين فقط كما قرره بعضهم لقال كأن اختلفا إن شرطا خلطا ، لكن ظاهر كلامه في توضيحه أنه شرط في المختلفين فقط . البناني قوله إن شرطا خلطا ، ظاهره أنه شرط في المتفقين والمختلفين ، وهي رواية أبي زيد عن ابن القاسم . طفي وهو المعتمد كما في أبي الحسن وابن عرفة وغيرهما ، وقيل إنه شرط في المختلفين فقط قاله ابن المواز . ابن يونس هذا ظاهر المدونة ، وظاهر كلامه في التوضيح ترجيحه ، ولذا قرر به الشارح وهو الذي يناسبه التعليل . [ ص: 345 ]

( أو ) دفع المال الثاني للعامل بعد أن ( شغله ) أي العامل المال الأول بشراء السلع به فيجوز ( إن لم يشترطه ) أي الخلط بأن شرط عدمه أو أطلق ظاهره ولو مع اختلاف الجزأين ، وعن الإمام مالك " رضي الله عنه " لا يعجبني مع اختلافهما أي للتهمة ، فإن كان اشترطه فلا يجوز ولو اتفق الجزءان لأنه قد يخسر في الثاني فيجبر خسره ربح الأول . فيها لابن القاسم رحمه الله تعالى إن أخذ الأول على النصف فابتاع به سلعة ثم أخذ الثاني على مثل ذلك أو أقل أو أكثر ، على أن يخلطه بالأول لم يعجبني . فأما على أن لا يخلط فجائز فإن خسر في الأول وربح في الآخر فليس عليه جبر هذا بهذا .

طفي بين عبارة المصنف إن لم يشترطه وعبارتها على أن لا يخلط بون لكنه تبع ابن الحاجب وعند ابن عرفة الإطلاق كاشتراط الخلط ، قال ودفع مالين معا لعامل بجزء واحد بشرط خلطهما أو مطلقا جائز ، وظاهر قول اللخمي أنه على الخلط حتى يشترط نفيه . البناني قوله إن لم يشترطه يخالف قولها على أن لا يخلط ، ولعله أخذ بمفهوم قولها أولا على أن يخلطه وما له هنا نحوه في ابن الحاجب والتوضيح . وشبه في الجواز فقال ( ك ) دفع المال الثاني للعامل بعد ( نضوض ) بضم النون وضم الضاد المعجمة الأولى ، أي صيرورة المال ( الأول ) ناضا ، أي دنانير أو دراهم ببيع السلع وقبض ثمنها دنانير أو دراهم فيجوز ( إن ساوى ) الناض رأس المال بلا ربح ولا خسر بأن كان رأس المال ألفا ونض ألفا ( و ) إن ( اتفق جزؤهما ) أي جزءا الربح المشروطان للعامل فيهما كالثلث عن ربح كل منهما فإن كان نض الأول بربح أو خسر أو اختلف جزءاهما فلا يجوز .

طفي قوله إن ساوى إلخ ، هذا إذا شرط أن لا يخلطهما ، ولو شرط خلطهما لجاز مطلقا اتفق الجزءان أو اختلفا فدفعه بعد النضوض المساوي كدفعه قبل شغل الأول ، ففيها وإن تجر في الأول فباع ونض في يده ثم أخذ الثاني ، فإن باع برأس المال الأول ، سواء جاز [ ص: 346 ] أخذه للثاني على مثل جزء الأول لا أقل ولا أكثر . ابن يونس يريد إذا أخذه على أن لا يخلطهما ، ولو كان على الخلط جاز على كل حال ، لكن تقييد ابن يونس يأتي على قول محمد إذا اتفق الجزء يجوز ولو مع شرط عدم الخلط ، وتقدم أنه خلاف الراجح ، ولذا قال التونسي ظاهر قولها إن نض الأول دون ربح ونقص جاز إعطاء آخر إن كان بمثل الأول كقول محمد لأن شرط مماثلة الجزاء دليل على عدم الخلط .




الخدمات العلمية