الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وغرس أخرى ; إن انقلعت شجرتك من أرض غيرك ، إن لم تكن أضر [ ص: 268 - 269 ] كغرسه بجانب نهرك الجاري في أرضه وحملت في طرح كناسته على العرف ، ولم تطرح على حافته ، إن وجدت سعة

التالي السابق


( و ) يجوز لمن كانت له شجرة في أرض غيره وانقلعت ( غرس ) شجرة ( أخرى ) في مكان شجرته من جنسها أو غيره ( إن انقلعت شجرتك من أرض غيرك ) بقلعك أو بنحو ريح وسيل ( إن لم تكن ) الشجرة التي أردت غرسها مكان المنقلعة ( أضر ) من المنقلعة بأن كانت مساوية لها أو خفيفة عنها ، فإن كانت أضر بكثرة عروقها فلا يجوز لك غرسها إلا برضا صاحب الأرض .

" ق " فيها للإمام مالك رضي الله تعالى عنه إذا انقلعت نخلة لك في أرض رجل من [ ص: 268 ] الريح أو قلعتها أنت فلك أن تغرس مكانها أخرى . ابن القاسم أي من سائر الشجر التي يعلم أنها لا تكون أكثر انتشارا ولا أكثر ضررا بالأرض من النخلة ولا يغرس مكانها نخلتين وانظر لو احتاجت هذه النخلة لتدعيم . ابن سراج ليس له أن يدعمها إلا في حريمها ، وفي سماع ابن القاسم إن سقطت الشجرة ونبتت فيها خلوف ، فالخلوف لصاحب الشجرة . ابن رشد معناه إن نبتت في موضع الشجرة لأن من له شجرة في أرض غيره فله موضعها من الأرض وليس لقدره حد معلوم عند الإمام مالك رضي الله تعالى عنه ، وهو بقدر ما تحتاج إليه الشجرة ، فإن كان له فيها منفعة يغرسها في أرضه فله قلعها وإلا فهي لرب الأرض بقيمتها حطبا إن كان لها قيمة وإلا فبغير شيء ، وإن كان بقاؤها مضرا بأصل الشجرة كان لصاحب الشجرة قطعها بكل حال إلا أن يقطع الذي ظهرت في أرضه العروق المتصلة بالشجرة حتى لا تضر بها فله ذلك ويعطيه قيمتها إن كانت لها قيمة .

( تنبيهات ) . الأول : سقي الشجرة التي في أرض غير مالكها على مالكها ، فإن امتنع منه وشربت من ماء صاحب الأرض فالظاهر أنه يلزمه أجرة سقيها ، كما قاله صاحب البيان في رسم الشجرة من سماع عيسى من جامع البيوع فيمن اشترى زيتونة على أن يقلعها فتوانى في قلعها حتى أثمرت ، فقال ابن القاسم الثمرة لمشتريها . ابن رشد وعليه أجرة قيامه عليها إن كان يسقيها ولم يسقها المطر قاله ابن القاسم ، وعليه كراء موضعها من الأرض إن كان غائبا باتفاق ، وإن كان حاضرا على اختلاف .

الثاني : ابن الحاج إن اتفق الجيران على من يحرس لهم جنانهم أو كرومهم وأبى بعضهم منه فإنه يجبر معهم ، وأفتى به ابن عتاب في الدوران اتفق الجيران وأبى بعضهم إلا أن يقول صاحب الكرم أنا أحرسه بنفسي أو يحرسه غلامي أو أخي فله ذلك . الثالث : أجرة إمامة الصلاة لا يجبر عليها من أباها ولا يحكم عليه بها لكراهتها ولأن الصلاة مع الجماعة سنة ، وينبغي في أجرة إمام الجمعة أن تلزم من أباها لأن شهودها فرض عين أفاده الحط . [ ص: 269 ] وشبه في الجواز فقال ( كغرسه ) أي صاحب الأرض أشجارا ( بجانب نهرك الجاري في أرضه ) فيجوز وليس لك منعه منه ولو أضر بماء نهرك ، لهذا ظاهر المدونة ، وقيده اللخمي بما لا يضر وهو مقتضى تمام التشبيه .

( و ) إن كنست نهرك ( حملت ) بضم الحاء المهملة وكسر الميم وفتح التاء ( في طرح كناسته ) أي النهر الذي بأرض غيرك ( على العرف ) الجاري بين أهل البلد سواء جرى بطرحها بحافته وكان بحافته شجر لصاحب الأرض ( لم تطرح ) أنت كناسة نهرك ( على حافته ) وفي نسخة شجره واقتصر عليها " غ " ( إن وجدت سعة ) تطرحها بها . فإن لم تجد سعة بعيدة عن الشجر ووجدت سعة بينه فاطرحها بها ، وإلا فعليه إن كان العرف الطرح بحافته . " ق " إن كان لك نهر ممره في أرض قوم فليس لك منعهم أن يغرسوا بحافته شجرا ، فإذا كنست نهرك حملت على سنة البلد في طرح كناسته ، فإن كانت الطرح بضفتيه فلا تطرحها على شجرهم إن أصبت دونها من ضفتيه متسعا ، فإن لم يكن فبين الشجر فإن ضاق عنها طرحت فوق شجرهم إن كانت سنة بلدهم طرح طين النهر على حافته . أبو الحسن فإن لم تكن سنتهم ذلك فعلى رب النهر حملها إلى حيث تطرح .




الخدمات العلمية