الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3291 132 - حدثنا أبو الوليد، حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن عقبة بن عبد الغافر، عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رجلا كان قبلكم رغسه الله مالا، فقال لبنيه لما حضر: أي أب كنت لكم؟ قالوا: خير أب. قال: فإني لم أعمل خيرا قط! فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في يوم عاصف. ففعلوا، فجمعه الله عز وجل فقال: ما حملك؟ قال: مخافتك! فتلقاه برحمته.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: " أن رجلا كان قبلكم ".

                                                                                                                                                                                  وأبو الوليد هو هشام بن عبد الملك، وأبو عوانة - بفتح العين - الوضاح بن عبد الله اليشكري، وعقبة بن عبد الغافر أبو نهار الأزدي الكوفي وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وحديث آخر مضى في الوكالة.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في الرقاق عن موسى بن إسماعيل، وفي التوحيد عن عبد الله بن أبي الأسود.

                                                                                                                                                                                  وأخرجه مسلم في التوبة عن عبيد الله بن معاذ وعن يحيى بن حبيب وعن أبي موسى وعن ابن أبي شيبة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (رغسه الله) بفتح الراء والغين المعجمة والسين المهملة؛ أي: أعطاه الله، وقيل: أي: أكثر ماله وبارك فيه. وهو من الرغس وهو البركة والنماء والخير، ورجل مرغوس كثير المال والخير، وقيل: رغس كل شيء أصله، فكأنه جعل له أصلا من المال. وقيل: يروى " رأسه الله مالا " بالسين المهملة. وقال ابن التين: هذا غلط، فإن صح فهو بشين معجمة من الريش والرياش وهو المال. قلت: في رواية مسلم " راشه الله " بالراء والشين المعجمة، من الريش وهو المال.

                                                                                                                                                                                  قوله: (لما حضر) على صيغة المجهول؛ أي: لما حضره الموت.

                                                                                                                                                                                  قوله: (في يوم عاصف)؛ أي: عاصف ريحه، أي: شديد.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ما حملك؟)؛ أي: أي شيء حملك على هذه الوصية؟

                                                                                                                                                                                  قوله: (مخافتك)؛ أي: حملتني مخافتك، أي: لأجل الخوف منك، فيكون ارتفاع " مخافتك " بالفعل المحذوف. وقال الكرماني: ارتفاعه بأنه مبتدأ محذوف الخبر، أو بالعكس. ويروى بالنصب على نزع الخافض؛ أي: لأجل مخافتك، قلت: الذي ذكرناه أوجه وأنسب على ما لا يخفى على المعرب.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فتلقاه) بالقاف عند أبي ذر؛ أي استقبله برحمته، وقال ابن التين: لا أعلم للفاء وجها إلا أن يكون أصله: " فتلففه رحمته "، فلما اجتمعت الفاآت الثلاث أبدلت الأخيرة ألفا فصار " تلفاه "، ويروى " فتلافاه " وهي رواية الكشميهني.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية