الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3616 (قال موسى: حدثني سالم بن عبد الله، ولا أعلمه إلا يحدث به عن ابن عمر أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويتبعه، فلقي عالما من اليهود فسأله عن دينهم فقال: إني لعلي أن أدين دينكم فأخبرني، فقال: لا تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله، قال زيد: ما أفر إلا من غضب الله ولا أحمل من غضب الله شيئا أبدا وأنا أستطيعه، فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا، قال زيد: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولا يعبد إلا الله، فخرج زيد فلقي عالما من النصارى، فذكر مثله، فقال: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله، قال: ما أفر إلا من لعنة الله ولا أحمل من لعنة الله ولا من غضبه شيئا أبدا وأنا أستطيع، فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا قال: وما [ ص: 287 ] الحنيف؟ قال: دين إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولا يعبد إلا الله، فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم عليه السلام خرج، فلما برز رفع يديه فقال: اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  موسى هو ابن عقبة المذكور الذي روى عن سالم، وظاهره التعليق، ولهذا قال الإسماعيلي: ما أدري هذه القصة الثانية من رواية الفضيل عن موسى أم لا، وقيل: هو موصول بالإسناد المذكور، وفيه نظر لا يخفى.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ويتبعه " بالتشديد من الاتباع، ويروى عن الكشميهني يبتغيه من الابتغاء بالغين المعجمة وهو الطلب. قوله: " لعلي " كلمة لعل للترجي تنصب الاسم وترفع الخبر، واسمها هنا ياء المتكلم، وخبرها قوله: " أن أدين ". قوله: " فأخبرني " أي: عن حال دينكم وكيفيته. قوله: " من غضب الله " المراد من غضب الله هو إيصال العذاب. قوله: " فذكر مثله " أي: مثل ما ذكر لعالم اليهود. قوله: " من لعنة الله " المراد من اللعنة إبعاد الله عبده من رحمته وطرده عن بابه؛ لأن اللعنة في اللغة الطرد، وإنما خص الغضب باليهود واللعنة بالنصارى لأن الغضب أردى من اللعنة فكان اليهود أحق به لأنهم أشد عداوة لأهل الحق. قوله: " وأنا أستطيع " أي: والحال أن لي قدرة على عدم حمل ذلك. قوله: " فلما برز " أي: لما ظهر خارجا عن أرضهم. قوله: " إني أشهدك " بكسر الهمزة. قوله: " أني على دين إبراهيم عليه السلام " بفتح الهمزة، وفي حديث سعد بن زيد: " فانطلق زيد وهو يقول: لبيك حقا حقا تعبدا ورقا، ثم يخر فيسجد لله عز وجل ".




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية